للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسَةِ عَنْ يَسَارِ الْخَارِجِ مِنْ سُوقٍ كَذِمَارِ الْكَذَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَإِنْ أَشْهَدَ بَعْضَ أَهْلِ الْمَوْضِعِ بِأَنَّ الْجِنَانَ الْمَعْرُوفَ بِاسْمٍ مِثْلِ مَا ذَكَرْنَا؛ هُوَ لِذَوِي فُلَانٍ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ الْمُحَصِّلِ لِلْعِلْمِ وَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ جَارًا لِمَالِكِهِ أَوْ صَدِيقًا لَهُ، وَيُهْدِي لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ وَفَاكِهَتِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حُدُودَهُ وَمُنْتَهَاهُ؛ لِكَوْنِهِ إنَّمَا رَآهُ وَدَخَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَرُبَّمَا يَكُونُ لَمْ يَدْخُلْهُ قَطُّ، وَلَكِنْ يَتَحَقَّقُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الْجِنَانَ الْمَعْرُوفَ بِكَذَا هُوَ لِفُلَانٍ، وَشَهِدَ آخَرُونَ بِمَعْرِفَةِ حُدُودِهِ وَمُنْتَهَاهُ، وَمَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ وَمَرَافِقِهِ، وَلَا يَعْلَمُونَ لِمَنْ هُوَ كَالْخَدَمِ الَّذِينَ يَسْتَأْجِرُهُمْ الْمُسَاقِي فِي الْجِنَانِ، وَيَخْدُمُونَ مَعَهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَلَمْ تَدْعُهُمْ حَاجَةٌ لِمَعْرِفَةِ رَبِّهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ لَهُمْ غَرَضٌ بِهِمَا، فَتُلَفَّقُ الشَّهَادَتَانِ، وَيَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ، وَيَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَنِسْبَةٍ: بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالنَّسَبِ كَافٍ وَحْدَهُ فِي اعْتِمَادِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِ (قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ) : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ هَلَكَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَوَلَدٌ وَتَرَكَ أَرْضًا فَخَاصَمَ وَلَدَهُ قَوْمٌ، فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَرْضُهُمْ، وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الْحُدُودِ وَشَهِدَ قَوْمٌ عَلَى حُدُودِ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا لَهُمْ. وَقَالُوا: لَا عِلْمَ لَنَا، لِمَنْ هِيَ؟

قَالَ: مَالِكٌ إذَا شَهِدُوا عَلَى الْحُدُودِ وَثَبَتَتْ شَهَادَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهَا لَهُمْ رَأَيْتُهَا لَهُمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ: مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْمَالِكِ تُلَفَّقُ إلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا عَلَى الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْأَرْضُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْلُومَةُ الْمُسَمَّاةُ الَّتِي تَتَمَيَّزُ بِالنِّسْبَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ عَنْ سِوَاهَا عِنْدَ مَنْ عَرَفَ حُدُودَهَا فَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ: نَعْلَمُ أَنَّ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ لِفُلَانٍ، وَلَا نَحُوزُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: نَحْنُ نَعْلَمُ حُدُودَهَا، وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ وَجَبَ أَنْ تُلَفَّقَ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا يَقْدَحُ فِي عِلْمِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ جَهْلُهُ بِحُدُودِهَا، وَلَا يَقْدَحُ فِي عِلْمِ مِنْ شَهِدَ بِمَعْرِفَةِ حُدُودِهَا جَهْلُهُ بِمُلَّاكِهَا اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) : أَقُولُ: تَعْيِينُ الْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالسِّلَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ، الدَّوَابُّ وَالْأَنْعَامُ وَالرَّقِيقُ وَغَيْرُهَا، هُوَ نَظِيرُ الْحِيَازَةِ فِي الْأُصُولِ، وَهَلْ يُمْكِنُ تَلْفِيقُ التَّعْيِينِ فِيهَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ مَعَ شَهَادَةِ مِثْلِهَا بِالْمِلْكِ؟ هَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ، وَهُوَ فِي الْعُرُوضِ مُسْتَبْعَدُ الْوُقُوعِ وَلَكِنَّهُ مُمْكِنٌ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ فِي الدَّوَابِّ أَقْرَبُ كَمَا إذَا فَرَضْنَا فَرَسًا لَهُ اسْمُ عَلَمٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ فِي الرَّقِيقِ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا التَّمْيِيزِ الدَّقِيقِ بِالْعَلَمِيَّةِ وَالصِّفَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إثْبَاتُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى الصِّفَةِ.

(قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) : وَإِنْ كَانَتْ يَعْنِي الْجَارِيَةَ غَائِبَةً، فَالشَّهَادَةُ فَبِهَا عَلَى النَّعْتِ وَالصِّفَةِ وَالِاسْمِ جَائِزَةٌ، وَيَكْتُبُ الْحَكَمُ الَّذِي شُهِدَ عَلَى الصِّفَةِ فِيهَا عِنْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ إلَى الْحَكَمِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَارِيَةُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَى الصِّفَةِ، وَيُرْسِلُ كِتَابَهُ مَعَ شَاهِدَيْنِ يُشْهِدُهُمَا عَلَى كِتَابِهِ الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ الْحُكْمَ بِالثُّبُوتِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ جَوَارٍ كَبِيرَةٌ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، كَلَّفَهُ الْحَاكِمُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ أَيَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا فِي الْبَلْدَةِ لَمْ يُكَلِّفْهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

(قَالَ الشَّارِحُ) أَقُولُ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ إلَّا وَاحِدَةٌ، فَهِيَ الَّتِي عَيَّنَهَا الِاسْمُ وَالصِّفَةُ.

وَمُشْتَرِي الْمِثْلِيِّ مَهْمَا يُسْتَحَقْ ... مُعْظَمُ مَا اشْتَرَى لَهُ التَّخْيِيرُ حَقْ

فِي الْأَخْذِ لِلْبَاقِي مِنْ الْمَبِيعِ ... بِقِسْطِهِ وَالرَّدِّ لِلْجَمِيعِ

وَإِنْ يَكُنْ مِنْهُ الْيَسِيرُ مَا اُسْتُحِقَّ ... يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِمَا لَهُ يَحِقْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ كَالْقَمْحِ وَالزَّيْتِ وَالْجَوْزِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّ مُعْظَمُهُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ رَدِّ الْجَمِيعِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْقَلِيلُ مِنْهُ فَقَطْ، فَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ، أَيْضًا قَالَ: الشَّارِحُ وَالْيَسِيرُ هُنَا الثُّلُثُ فَأَدْنَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ كَانَ مَا ابْتَاعَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْقَلِيلُ مِنْهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>