وَالِاثْنَانِ إنَّمَا يَقُومَانِ مَقَامَهُ، فَتَرْكُ الْإِعْذَار فِيهِمَا أَوْلَى، كَمَا لَا يُعْذِرُ فِي نَفْسِهِ اهـ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حِيَازَةَ الشُّهُودِ إلَخْ. وَرَاجِعْ شِفَاءَ الْغَلِيلِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ آخِرَ النَّفَقَاتِ، ثُمَّ بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ قَائِلَةٌ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ إلَخْ. وَرَاجِعْ مَجَالِسَ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيِّ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي خَتَمَ بِهَا كِتَابَهُ. (وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ) لَا إعْذَارَ فِي شُهُودِ الْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْقَاضِي وَإِنْ وَجَّهَ شَاهِدًا وَاحِدًا لِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى. اهـ. وَتَقَدَّمَ لِلنَّاظِمِ فِي فَصْلِ الْإِعْذَارِ فِيمَنْ لَا يُعْذَرُ فِيهِ
وَلَا الَّذِي وَجَّهَهُ الْقَاضِي إلَى ... مَا كَانَ كَالتَّحْلِيفِ مِنْهُ بَدَلَا.
وَنَابَ عَنْ حِيَازَةِ الشُّهُودِ ... تَوَافُقُ الْخَصْمَيْنِ فِي الْحُدُودِ
يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَوْجِيهِ الْقَاضِي لِعَدْلَيْنِ يَحُوزَانِ الْأَصْلَ الْمُسْتَحَقَّ إنَّمَا مَحَلُّهُ مَا اخْتَلَفَ الْخَصْمَانِ فِي حُدُودِهِ، أَمَّا مَا اتَّفَقَا عَلَى حُدُودِهِ كَدُورِ الْحَاضِرَةِ الَّتِي الدَّارُ بِهَا مُلَاصِقَةٌ لِلْأُخْرَى، فَلَا يَقَعُ غَالِبًا اخْتِلَافٌ فِي حُدُودِهَا، فَلَا يُحْتَاجُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا إلَى حِيَازَةٍ.
(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : قَالَ مُحَمَّدٌ: الَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ بِفُتْيَا مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَشْيَاخِنَا، أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ حَتَّى يَحُوزَا مَا شَهِدَا فِيهِ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْخَصْمَانِ عَلَى صِفَةِ الْأَرْضِ وَحُدُودِهَا أَوْ الدَّارِ، وَيُقِرُّ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهِ، فَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ الْحِيَازَةُ، وَلَا يُكَلَّفُ الْقَائِمُ إثْبَاتَ الْحِيَازَةِ فِيمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الشُّهُودُ. .
وَوَاجِبٌ إعْمَالُهَا، إنْ الْحَكَمْ ... بِقِسْمَةٍ عَلَى الْمَحَاجِيرِ حَكَمْ
يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ إعْمَالُ الْحِيَازَةِ إنْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِسْمَةِ عَلَى الْمَحَاجِيرِ، فَلَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ حِيَازَةُ مَوْرُوثِهِمْ، لِمَا يُرَادُ قَسْمُهُ.
(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا سَأَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ، أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ دَارًا وَرِثُوهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ بِقَسْمِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَانَ لِلْمَالِكِ مِلْكًا لَهُ وَمَالًا، حَتَّى هَلَكَ عَنْهُ، وَأَنَّ الْهَالِكَ كَانَ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الدَّارِ إنْ كَانَتْ دَارًا، كَمَا يَسْكُنُ الرَّجُلُ فِي دَارِ نَفْسِهِ، حَتَّى هَلَكَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِقَسْمِهَا بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَأْتُوهُ بِحَوْزِ مَا كَانَ لِلْهَالِكِ مِنْهَا وَصِفَتِهِ بِكِتَابٍ وَشُهُودٍ يَعْرِفُونَهُ مِلْكًا لِلْهَالِكِ أَوْ فِي يَدَيْهِ وَعِمَارَتِهِ، حَتَّى هَلَكَ خِيفَةَ أَنْ يُدْخِلُوا فِي قِسْمَتِهِمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ بِحَقٍّ. اهـ.
وَجَازَ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا شُهِدَا ... وَبِالْحِيَازَةِ سِوَاهُمْ شَهِدَا
إنْ كَانَ ذَا تَسْمِيَةٍ مَعْرُوفَهْ ... وَنِسْبَةٍ مَشْهُورَةٍ مَأْلُوفَهْ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى مِلْكًا بِيَدِ غَيْرِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ أَوْ لِمَوْرُوثِهِ إلَّا أَنَّ الْبَيِّنَةَ، لَمْ تُعَرِّفْ حُدُودَ ذَلِكَ الْمِلْكِ وَلَمْ تَشْهَدْ بِهَا، وَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِحُدُودِ ذَلِكَ الْمِلْكِ، فَحَازَتْهُ وَتَطَوَّفَتْ عَلَيْهِ وَعَرَّفَتْ حُدُودَهُ وَمُنْتَهَاهُ، وَلَمْ تَعْرِفْ لِمَنْ هُوَ، فَإِنَّ الشَّهَادَتَيْنِ تُلَفَّقُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ لَهُ تَسْمِيَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ تَسْمِيَةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَهُمْ فَالتَّسْمِيَةُ، مِثْلُ بَعْضِ الْأَجِنَّةِ عِنْدَنَا اُشْتُهِرَتْ بِأَسْمَاءٍ صَارَتْ عَلَمًا عَلَيْهَا، كَابْنِ الصَّفَّارِ وَابْنِ قَضِيبٍ وَحَجَّاجَةٍ وَاللَّهَبِ وَجِنَانِ الْخَادِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالنِّسْبَةُ، مِثْلُ الْجِنَانِ الَّذِي بَابُهُ أَوَّلًا عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ لِلزَّنْقَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الْحَانُوتِ