للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ إحْضَارِهَا لِتَعَذُّرِهِ، كَمَا يَقُولُهُ قَرِيبًا فَقَوْلُهُ: عَيْنٌ: أَيْ ذَاتٌ، وَكَأَنَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى حَذْفِ الصِّفَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَيْ ذَاتٍ تُنْقَلُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالْأَصْلِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ قَالَ: ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ابْتَاعَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَادَّعَاهُ، وَأَتَى بِكِتَابٍ بَدَلِهِ، وَقَدْ فَاتَ الْكِتَابُ فَقَالَ: لَا يُتَوَجَّهُ الْحُكْمُ لِمُسْتَحِقِّ الشَّيْءِ إلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ الْعُدُولِ، عَلَى عَيْنِهِ، وَالْإِعْذَارِ إلَى الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ دُونَ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ فِيهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْعَاءُ، وَالْيَمِينُ أَعْذَرَ إلَى الَّذِي أُلْفِيَ ذَلِكَ بِيَدِهِ، فَإِنْ ادَّعَى مَدْفَعًا أَجَّلَهُ، ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ، إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْذَبَ مَا ثَبَتَ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ مَدْفَعًا، وَذَهَبَ إلَى الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.

وَيُكْتَفَى فِي حَوْزِ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقّْ ... بِوَاحِدٍ عَدْلٍ وَالِاثْنَانِ أَحَقْ

يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَحَقَّ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، فَإِنَّ الشُّهُودَ يَشْهَدُونَ عَلَى عَيْنِهِ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْقَلُ، وَهُوَ الْأُصُولُ كَالدَّارِ، وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ حَوْزَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّ كَافٍ عَنْ حُضُورِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ لِتَعَذُّرِهِ عَقْلًا، وَذَهَابُ الْقَاضِي إلَيْهَا؛ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهَا بِمَحْضَرِهِ مُتَعَذِّرٌ أَيْضًا عَادَةً؛ لِشُغْلِ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ، وَبُعْدِ مَوَاضِعِهَا غَالِبًا فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ، فَجُعِلَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ عَدْلَيْنِ، تُحَازُ بِمَحْضَرِهِمَا، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى، يَتَنَزَّلُ ذَلِكَ النَّائِبُ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ مَنْزِلَةَ الْقَاضِي، وَكَأَنَّ هَذَا الْأَصْلُ شُهِدَ عَلَى عَيْنِهِ بِمَحْضَرِ الْقَاضِي، وَإِلَى اسْتِنَابَةِ الْقَاضِي مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَحْضَرِهِ عَلَى عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ، أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُوزُ عَنْهُ، وَيَكْفِي الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى. وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ إذَا

شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمِلْكِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّ لِلدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا، وَاسْتِمْرَارِهَا أَنَّ الْقَاضِي يُوَجِّهُ عَدْلَيْنِ يَحُوزَانِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ، إمَّا اللَّذَيْنِ شَهِدَا بِمِلْكِيَّتِهَا أَوْ غَيْرُهُمَا، وَعَدْلَيْنِ آخَرَيْنِ يَشْهَدَانِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ عَلَى الْقَاضِي بِأَمْرَيْنِ: بِصِحَّةِ رَسْمِ ثُبُوتِ الْمَكْلِيَّةِ، وَبِتَوْجِيهِ الْعَدْلَيْنِ لِلْحِيَازَةِ، وَعَلَى عَدْلَيْ الْحِيَازَةِ بِالْحِيَازَةِ إذْ لَا يَشْهَدَانِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُوَجَّهَانِ لِلْحِيَازَةِ هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِيَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ، فَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةُ عُدُولٍ، اثْنَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ وَحَازَا، وَاثْنَانِ شَهِدَا عَلَيْهِمَا بِالْحَوْزِ، وَعَلَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ رَسْمِ الْمِلْكِيَّةِ، وَتَوْجِيهِ الْحَائِزَيْنِ لِلْحِيَازَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُوَجَّهَانِ لِلْحِيَازَةِ غَيْرَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا بِالْمِلْكِيَّةِ، فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ: اثْنَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِيَّةِ وَاثْنَانِ وُجِّهَا لِلْحِيَازَةِ فَحَازَا وَاثْنَانِ شَهِدَا عَلَى الْحَائِزَيْنِ بِالْحِيَازَةِ، فَإِذَا حَازَ الشَّاهِدَانِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ، وَتَطَوَّفَا عَلَيْهِمَا، فَيَقُولَانِ لِلْعَدْلَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا: بِالْحَوْزِ هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي حُزْنَاهَا، هِيَ الَّتِي شَهِدْنَا بِمِلْكِهَا لِفُلَانٍ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ، هَذَا إنْ كَانَ الْحَائِرَانِ، هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا، فَيَقُولُ الْحَائِزَانِ لِلْمُوَجَّهَيْنِ لِلشَّهَادَةِ بِالْحِيَازَةِ: هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي حُزْنَاهَا هِيَ الَّتِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى بِمِلْكِهَا لِفُلَانٍ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ، (قَالَ فِي أَقْضِيَةِ الْمُتَيْطِيَّةِ) : إذَا ثَبَتَتْ الْحِيَازَةُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ لِحُضُورِهَا، أَعْذَرَ لِلْمَطْلُوبِ فِي مِثْلِ هَذَا الْفَصْلِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْذِرُ إلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحِيَازَةِ أَمْ لَا، وَبِتَرْكِ الْإِعْذَارِ فِيهَا جَرَى الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ حِيَازَةَ الشُّهُودِ لِلْمِلْكِ وَتَعْيِينَهُمْ إيَّاهُ إنَّمَا وَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَفْسُهُ حَسْبَمَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُعَيِّنُهُ الشُّهُودُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَمَّا تَعَذَّرَ حُضُورُهُ حِيَازَةَ الْأَمْلَاكِ لِشُغْلِهِ عَنْهُ، وَبُعْدِ أَكْثَرِهَا مِنْهُ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ مَكَانَ نَفْسِهِ عَدْلَيْنِ؛ لِيُعَيِّنَ ذَلِكَ لَهُمَا حَسْبَمَا كَانَ يُعَيِّنُ لَهُ، وَإِنْ اجْتَزَأَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ وَالْوَاحِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>