فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ.
فَإِذَا حَلَفَ، فَيُقَالُ لِلْمُسْتَعِيرِ، إمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَى أَوْ اذْهَبْ، وَلَا شَيْءَ لَك، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ الرُّكُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، فَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَدْت فِي مَسَائِلِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا إلَى مَوْضِعٍ، فَلَمَّا رَجَعَ زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهُ أَعَارَهَا إيَّاهُ إلَى دُونِ مَا رَكِبَهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ، إنْ ادَّعَى مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا سَوَاءٌ قَالَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ إذَا رَكِبَ وَرَجَعَ، فَالْمُعِيرُ مُصَدَّقٌ عَلَيْك مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِي عَلَيْك مَا لَا يُشْبِهُ. اهـ.
وَتَبَيَّنَ بِهَذَا النَّقْلِ أَنَّ قَوْلَ النَّاظِمِ كَذَاك فِي مَسَافَةٍ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، كَمَا فِي النَّظْمِ.
وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْكِرَاءِ فِي ... مَا يُسْتَعَارُ مَعْ يَمِينٍ اُقْتُفِيَ
مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ ... بِهِ فَقَلْبُ الْقَسَمِ التَّحْقِيقُ
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الشَّيْءِ: هُوَ عِنْدَك عَلَى وَجْهِ الْكِرَاءِ، وَقَالَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الشَّيْءِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَكْرَاهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَأْنَفُ عَنْ الْكِرَاءِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لِمَنْصِبِهِ وَشَرَفِهِ وَغِنَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَارِيَّةِ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ إلَى بَلَدٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا وَقَالَ: رَبُّهَا أَكْرَيْتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا زَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَيْسَ يُكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَقَدْرِهِ اهـ. زَادَ فِي التَّوْضِيحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ مَعَ يَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute