قَوْلِهِ (ابْنُ سَلْمُونٍ) وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ رُشْدُهُ. رَوَى ذَلِكَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ.
(قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) مَا حَاصِلُهُ إنَّمَا حَمَلْنَا كَلَامَ النَّاظِمِ عَلَى وَصِيِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ النَّاظِمِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ يَلِيهِ فِي وَصِيِّ الْأَبِ وَكَلَامَهُ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا فِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي أَوْ فِي وَصِيِّ الْأَبِ إذَا لَمْ يَرَ مَخَايِلَ الرَّشَادِ وَنَازَعَ فِي التَّرْشِيدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَّقَ تَرْشِيدَهُ عَلَى إثْبَاتِ مُوجِبِ التَّرْشِيدِ فَلَوْ حُمِلَ كَلَامُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى شُمُولِ الْوَصِيِّ الْأَبَ حَيْثُ يَرَى مَخَايِلَ الرَّشَادِ وَلِمُقَدَّمِ الْقَاضِي كَذَلِكَ لَنَاقَضَ كَلَامُهُ هُنَا مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْإِشْهَادِ، وَفِي الْبَيْتِ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ مُوجِبِ التَّرْشِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ مُطْلَقًا يَجِبْ ... إثْبَاتُ مُوجِبٍ لِتَرْشِيدٍ طُلِبْ
وَيَسْقُطُ الْإِعْذَارُ فِي التَّرْشِيدِ ... حَيْثُ وَصِيُّهُ مِنْ الشُّهُودِ
يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ فِي ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَنْ الْمَحْجُورِ وَهُوَ التَّرْشِيدُ إثْبَاتُ مُوجِبِ التَّرْشِيدِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِرُشْدِهِ وَحُسْنِ حَالِهِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُخْدَعُ فِي بَيْعٍ وَلَا ابْتِيَاعٍ وَمِمَّنْ يَجِبُ أَنْ يُرَشَّدَ وَيُطْلَقَ مِنْ ثِقَافِ الْحَجْرِ وَهَذَا فِي وَصِيِّ الْأَبِ إذَا لَمْ يَرَ مَخَايِلَ الرَّشَادِ فِي التَّرْشِيدِ وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي وَبِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَسَّرَ الشَّارِحُ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ إذَا رَأَى مَخَايِلَ الرَّشَادِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ قَبْلَ هَذَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ مُوجِبِ التَّرْشِيدِ، وَأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ. وَحَيْثُ اُحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِ الرُّشْدِ فَيَسْتَكْثِرُ مِنْ الشُّهُودِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ حَيْثُ قَالَ:
وَالشَّأْنُ الْإِكْثَارُ مِنْ الشُّهُودِ ... فِي عَقْدَيْ التَّسْفِيهِ وَالتَّرْشِيدِ
(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَفِي الْكَافِي لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إذَا بَلَغَ الْمَحْجُورُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَأُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ، وَإِنْ طَلَبَ تَرْشِيدَ نَفْسِهِ سُمِعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ فَإِذَا شُهِدَ لَهُ شَهَادَةً فِيهَا بَعْضُ الِاسْتِفَاضَةِ بِالرُّشْدِ وَحُسْنِ النَّظَرِ وَالضَّبْطِ لِمَالِهِ أُطْلِقَ مِنْ الْوِلَايَةِ وَجَازَ أَمْرُهُ وَفِعْلُهُ فَانْظُرْهُ وَفِي (الْمُتَيْطِيَّةِ) فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مِمَّنْ يُقِرُّ لِلْيَتِيمِ بِالرَّشَادِ كَانَ أَقْرَبَ لَهُ وَأَسْهَلَ عَلَيْهِ وَأَقْرَبَ لِأَمْرِهِ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ بِالرُّشْدِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ لِشَهَادَتِهِ بِرُشْدِهِ.
قَالَ (الشَّارِحُ) وَقَدْ دَلَّ هَذَا الْكَلَامُ بِقُوَّتِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْذَرَ لَهُ فِيمَا ثَبَتَ لِمَحْجُورِهِ مِنْ حُكْمِ الِاسْتِرْعَاءِ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْأَحْوَطَ فِي وَقْتِنَا هَذَا أَنْ يُعْذَرَ إلَى الْوَصِيِّ حَتَّى تَحْصُلَ مِنْ التَّرْشِيدِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِ لَمَا بَعُدَ لِمَا حَدَثَ مِنْ رُجُوعِ كَثِيرٍ مِنْ شُهُودِ التَّرْشِيدِ إذَا ظَهَرَ فِي الْخَارِجِ مَا يُنَاقِضُهَا فَإِذَا حَضَرَ الْوَصِيُّ وَوَافَقَ ارْتَفَعَ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ. اهـ.
وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الثَّانِي إلَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ فَإِنْ شُهِدَ لَهُ بِالرَّشَادِ اسْتَغْنَيْت عَنْ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute