للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى مَا إذَا أَنْفَقَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، وَفِي الْأَبْيَاتِ بَعْدَهُمَا عَلَى مَا إذَا أَنْفَقَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَطَالَبَ بَقِيَّةُ وَرَثَةِ الْأَبِ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ.

قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبٌ إلَخْ، يَعْنِي: الْأَبُ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ مِنْ وَقْتِ كَسْبِهِ وَمِلْكِهِ الْمَالَ فَمَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَالِابْنُ مُعْدِمٌ لَا مَالَ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ رُجُوعٌ أَمَّا عَدَمُ رُجُوعِهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ كَسْبِهِ لِلْمَالِ فَظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ حِينَئِذٍ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ.

وَقَالَ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الذُّكُورِ حَتَّى يَحْتَلِمُوا وَالْإِنَاثِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَوْ مَالٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ. اهـ.

(وَفِي الْقَلْشَانِيِّ مَا نَصُّهُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الرِّوَايَاتُ وَاضِحَةٌ بِعَدَمِ اتِّبَاعِ الْأَبِ وَلَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ بِمَا إذَا كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَمَّا الْعَبْدُ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ فَلَا نَفَقَةَ لِوَلَدِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ لَا نَفَقَةَ أَيْضًا لِلْوَلَدِ الرَّقِيقِ عَلَى أَبِيهِ. اهـ. يَعْنِي وَإِنَّمَا نَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَأَمَّا رُجُوعُ الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَلَدِ بَعْدَ اكْتِسَابِهِ الْمَالَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَهُ مَالُ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ ثُمَّ قَالَ حَاسِبُوهُ حُوسِبَ بِذَلِكَ. اهـ.

نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ (وَفِي شَرْحِ الْقَلْشَانِيِّ مَا نَصُّهُ) : وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ حِينَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَيُرْجَعُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. اهـ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبٌ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ أَنْفَقَ وَقَيَّدْنَا الِابْنَ بِالصَّغِيرِ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي حَجْرِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغًا لَرَجَعَ عَلَيْهِ، مَلِيًّا كَانَ الِابْنُ أَوْ مُعْدَمًا، وَتَرَفُّقًا أَيْ: رِفْقًا بِهِ كَأَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ وَلَعَلَّ التَّرَفُّقَ رَاجِعٌ لِكَوْنِهِ فِي حَجْرِهِ إذْ لَوْ رَدَدْنَاهُ إلَى الْإِنْفَاقِ لَكَانَ نَصًّا فِي عَدَمِ قَصْدِ الرُّجُوعِ.

وَإِنْ يَمُتْ وَالْمَالُ عَيْنٌ بَاقِ ... وَطَالَبَ الْوَارِثُ بِالْإِنْفَاقِ

فَمَا لَهُمْ إلَيْهِ مِنْ سَبِيلِ ... وَهُوَ لِلِابْنِ دُونَ مَا تَعْلِيلِ

إلَّا إذَا أَوْصَى عَلَى الْحِسَابِ ... وَقَيَّدَ الْإِنْفَاقَ بِالْكِتَابِ

وَإِنْ يَكُنْ عَرْضًا وَكَانَ عِنْدَهُ ... فَلَهُمْ الرُّجُوعُ فِيهِ بَعْدَهُ

إلَّا إذَا مَا قَالَ لَا تُحَاسِبُوا ... وَتَرَكَ الْكَتْبَ فَلَنْ يُطَالِبُوا

وَكَالْعُرُوضِ الْحَيَوَانُ مُطْلَقَا ... فِيهِ الرُّجُوعُ بِاَلَّذِي قَدْ أَنْفَقَا

وَإِنْ يَكُنْ عَيْنًا وَرَسْمًا أَصْدَرَا ... بِأَنَّهُ ذِمَّتَهُ قَدْ عَمَّرَا

فَمَا تَحَاسُبٌ بِمُسْتَحَقِّ ... وَهُوَ كَالْحَاضِرِ دُونَ فَرْقِ

وَإِنْ يَكُنْ فِي مَالِهِ قَدْ أَدْخَلَهْ ... مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ بِذَاكَ أَعْمَلَهْ

مَعْ عِلْمِ أَصْلِهِ فَهَهُنَا يَجِبْ ... رُجُوعُ وَارِثٍ بِإِنْفَاقٍ طُلِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>