للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُرَمَاءُ عَلَى قَوْلِ ابْن الْقَاسِمِ إلَّا مَعَ الدُّيُونِ الَّتِي اسْتَدَانَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا اهـ.

وَمِنْ قَوْلِهِ:

وَمُنْفِذٌ لَهُ لِتُهْمَةٍ نَفَى

يُفْهَمُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَاهُ رَأَى أَنَّ فِي الْإِقْرَارِ الْوَارِثِ تُهْمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَالَ فِي الْكَافِي) كُلُّ بَالِغٍ حُرٍّ جَائِزِ الْفِعْلِ رَشِيدٍ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ عَلَى نَفْسِهِ فِي كُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ فِي صِحَّتِهِ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَافِذٌ يَأْخُذُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ.

وَيُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَهُمْ. اهـ.

فَقَوْلُهُ: أَقَرَّ: صِفَةٌ لِمَالِكٍ، وَلِأَجْنَبِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَمَا أَقَرَّ بِهِ لِوَارِثٍ وَمُنْفِذٌ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَنْفَذَ مُبْتَدَأٌ، وَجُمْلَةُ نَفَى لِتُهْمَةٍ: خَبَرُهُ وَضَمِيرُ فِيهِ يَعُودُ عَلَى مَا وَضَمِيرُ لَهُ لِلْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَأَلْزَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ ضَمِيرُ الْمُنْفِذِ عُطِفَ عَلَى نَفَى، وَرَأْسَ: مَفْعُولُ أَلْزَمَ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَلْزَمَ الْمُنْفِذُ لِلْإِقْرَارِ الدَّيْنَ الْمُقَرَّ بِهِ رَأْسَ مَالِ الْمُقِرِّ وَضَمِيرُ وَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِهِ لِلْإِقْرَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَذْكُرْ النَّاظِمُ الْمُقَرَّ بِهِ وَهُوَ إمَّا دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ غَالِبًا فِي هَذَا الْبَابِ وَإِمَّا قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ.

وَإِنْ يَكُنْ لِأَجْنَبِيٍّ فِي الْمَرَضْ ... غَيْرُ صَدِيقٍ فَهُوَ نَافِذُ الْغَرَضْ

وَلِصَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ لَا يَرِثْ ... يَبْطُلُ مِمَّنْ بِكَلَالَةٍ وُرِثْ

وَقِيلَ بَلْ يَمْضِي بِكُلِّ حَالِ ... وَعِنْدَ مَا يُؤْخَذُ بِالْإِبْطَالِ

قِيلَ بِإِطْلَاقٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ ... يَمْضِي مِنْ الثُّلْثِ بِحُكْمٍ جَازِمِ

لَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ بِقِسْمَيْهِ أَعْنِي لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْوَارِثِ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ فَتَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى الْقَرَارِ فِي الْمَرَضِ إمَّا لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صَدِيقٍ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَتَكَلَّمَ فِيمَا بَعْدَهَا عَلَى الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ إنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صَدِيقٍ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مَعْمُولٌ بِهِ عَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ وُرِثَ الْمُقِرُّ كَلَالَةً أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ لِصَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ لَا يَرِثُ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إنْ وُرِثَ الْمُقِرُّ كَلَالَةً لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَ وَلَا أَبًا وَلَا جَدًّا وَإِنْ عَلَا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَإِنْ وُرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وُرِثَ كَلَالَةً أَوْ لَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِذَا قُلْنَا بِإِبْطَالِهِ إنْ وُرِثَ كَلَالَةً فَقِيلَ يَبْطُلُ مُطْلَقًا فَلَا يُؤْخَذُ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ يَمْضِي مِنْ الثُّلُثِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (ابْنُ رُشْدٍ) وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ فَقِيلَ: يَجُوزُ إقْرَارُهُ إلَّا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. اهـ.

مِنْ الْمَوَّاقِ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَزَادَ قَوْلًا ثَالِثًا إنْ وُرِثَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ وُرِثَ بِكَلَالَةٍ فَمِنْ الثُّلُثِ وَفِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثٍ كَإِقْرَارِ الصَّحِيحِ وَانْظُرْ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ وَكَانَ يُورَثُ كَلَالَةً فَإِنَّ التُّهْمَةَ حَاصِلَةٌ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَعُودُ إقْرَارُهُ وَصِيَّةً فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ يَبْطُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>