جُمْلَةً فَلَا يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا غَيْرِهِ. اهـ. (قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) سُئِلَ شَيْخُنَا قَاضِي الْجَمَاعَةِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَشْهَدَ لَهُ فِي صِحَّتِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَفِي مَرَضِهِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فِضِّيَّةً عَلَى أُجْرَةٍ لَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَنَازَعَ وَرَثَتُهُ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَتَجِبُ لَهُ وَأَمَّا الْخَمْسُونَ مِثْقَالًا فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ أُجْرَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ فَتَجِبُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِي إجَارَتِهِ كَانَ قَدْرُ الْإِجَارَةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَالزَّائِدُ فِي ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ سِرَاجٍ.
قَالَ الشَّارِحُ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ أُجْرَةٍ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَبْطُلُ جُمْلَةً بَلْ يَمْضِي مِنْ الثُّلُثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَقَوْلُهُ: وَإِنْ يَكُنْ أَيْ الْإِقْرَارُ وَغَيْرُ صَدِيقٍ صِفَةٌ لِأَجْنَبِيٍّ وَلِصَدِيقٍ عَطْفٌ عَلَى لِأَجْنَبِيٍّ، وَقَوْلُهُ: وَعِنْدَمَا يُؤْخَذُ بِالْإِبْطَالِ أَيْ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ الْإِقْرَارِ لِلصَّدِيقِ فِي حَقِّ مَنْ وُرِثَ كَلَالَةً فَقِيلَ يَبْطُلُ مُطْلَقًا مِنْ ثُلُثٍ وَرَأْسٍ وَقِيلَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.
وَحَيْثُمَا الْإِقْرَارُ فِيهِ لِلْوَلَدْ ... مَعْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ مَرَدْ
مَعَ ظُهُورِ سَبَبِ الْإِقْرَارِ ... فَإِنْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ اخْتِيَارِ
فَذُو عُقُوقٍ وَانْحِرَافٍ يُحْكَمُ ... لَهُ بِهِ وَذُو الْبُرُورِ يُحْرَمُ
تَكَلَّمَ مِنْ هُنَا لِمَا بَعْدُ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ وَبَدَأَ بِالْإِقْرَارِ لِلْوَلَدِ مَعَ غَيْرِهِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْإِقْرَارِ لِلزَّوْجَةِ وَثَلَّثَ بِالْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ غَيْرِهِمَا فَأَخْبَرَ هُنَا أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِوَلَدِهِ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ لِلْإِقْرَارِ سَبَبٌ كَأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَاتَتْ أُمُّهُ أَوْ لَهُ أَصْلٌ فَيَشْهَدُ لَهُ بِمَالٍ مِنْ مِيرَاثِ أُمِّهِ أَوْ غَلَّةِ أَصْلِهِ وَيَشْهَدُ مَعَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ فَالْإِقْرَارُ نَافِذٌ عَامِلٌ لَهُمَا مَعًا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْإِقْرَارِ سَبَبٌ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ
فَإِنْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ اخْتِيَارٍ
نُظِرَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُقَرُّ لَهُ عَاقًّا لِوَالِدِهِ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَإِنْ كَانَ بَارًّا لِوَالِدِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّوْلِيجَ لِهَذَا الْبَارِّ وَالْحِرْمَانَ لِذَلِكَ الْعَاقِّ قَالَ فِي (الْمُقَرَّبِ) .
قُلْتُ فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِابْنِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ فِي مَرَضِهِ وَلَهُ بَنُونَ سِوَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ وَمَالُهُ يَضِيقُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ قَالَ يَتَحَاصَصُ ابْنُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيمَا تَرَكَ فَمَا صَارَ لِلِابْنِ دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ الْوَرَثَةُ إنْ شَاءُوا وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِابْنِهِ وَعَلَيْهِ دُيُونُ بَنِيهِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ لِلْوَلَدِ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لِلْإِقْرَارِ سَبَبٌ وَفِي الْمُفِيدِ فَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِ بَنِيهِ دُونَ غَيْرِهِ اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ لِلْعَاقِّ دُونَ الْبَارِّ فَيَجُوزُ إقْرَارُهُ وَلَوْ أَقَرَّ لِلْبَارِّ لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَلَمْ يَنْقُلْ الشَّارِحُ فِقْهًا لِقَوْلِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ مَرَدٍّ مَعَ ظُهُورِ سَبَبِ الْإِقْرَارِ وَوَجْهُ مَا فِي النَّظْمِ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.