للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمَالَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ اضْطِرَابُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا وَآخِرُ قَوْلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقِرُّ مَا ذَاكَ إلَّا مَالٌ وَاحِدٌ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَتَانِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ سَحْنُونٍ وَنَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ التَّفْرِقَةَ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَقَلِّ أَوَّلًا صُدِّقَ الْمُقِرُّ أَنَّ الْأَقَلَّ دَخَلَ فِي الْأَكْثَرِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَكْثَرِ أَوَّلًا فَهُمَا مَالَانِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ إذَا تَقَدَّمَ الْأَقَلُّ ثُمَّ زَادُوا عَلَيْهِ جَمَعُوهُ مَعَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَبِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ، ثَالِثُهَا: إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ قَالَ فِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الشَّيْخِ وَبِمِائَتَيْنِ الْأَكْثَرُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي وَثِيقَتَيْنِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ ثُمَّ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الْمِائَتَانِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَكْرَارِ الْوَصَايَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا مُشَابَهَةٌ بِمَسْأَلَةِ مَنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى مِائَةٍ وَشَاهِدَانِ عَلَى مِائَتَيْنِ.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ حُمِلَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا وَآخِرُ قَوْلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقِرُّ مَا ذَاكَ إلَّا مَالٌ وَاحِدٌ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَتَانِ قَالَ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ سَحْنُونٍ.

(فَرْعٌ) فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ الشَّهَادَاتِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَاهِدًا بِخَمْسِينَ فَإِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إلَّا فِي أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ فِي أَقَلِّهِمَا لَا فِي مَجْمُوعِهِمَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ وَادَّعَى الطَّالِبُ الْمَالَ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ. انْتَهَى مِنْ شِفَاءِ الْغَلِيلِ.

وَمَنْ أَقَرَّ مَثَلًا بِتِسْعَهْ ... وَصَحَّ أَنْ دَفَعَ مِنْهَا السَّبْعَهْ

ثُمَّ أَتَى مِنْ بَعْدِ ذَا بِبَيِّنَهْ ... بِقَبْضِ دِينَارَيْنِ مِنْهُ مُعْلِنَهْ

فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ الْخَصْمُ ادَّعَى ... دُخُولَ دِينَارَيْهِ فِيمَا انْدَفَعَا

يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّ عَلَيْهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا ثُمَّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهَا سَبْعَةً ثُمَّ أَتَى الْمَدِينُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِغَرِيمِهِ دِينَارَيْنِ فَادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهَا الْبَاقِيَةُ عَلَيْهِ مِنْ التِّسْعَةِ أَنَّهُ خَلَّصَ مَا عَلَيْهِ وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّ الدِّينَارَيْنِ مِنْ السَّبْعَةِ الْمَدْفُوعَةِ أَوَّلًا وَدَاخِلَةٌ فِيهَا وَأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ دِينَارَانِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْل الْمَدِينِ أَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي السَّبْعَةِ وَأَنَّهُ خَلَّصَ دَيْنَهُ كُلَّهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي غَالِبِ مِنْ قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَ فِي (الْمُنْتَخَبِ) .

وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِشُهُودٍ ثُمَّ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهَا تِسْعَةً، وَأَقَامَ الْمَطْلُوبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَضَاهُ ثَلَاثَةً فَقَالَ الطَّالِبُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ التِّسْعَةِ فَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ إنَّهَا مِنْ غَيْرِ التِّسْعَةِ وَيَبْرَأُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَثْبَتَ عَلَى رَجُلٍ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَأَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ ثَلَاثَةً وَأَقَامَ الْمَطْلُوبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَاهُ ثَلَاثَةً فَزَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهَا وَقَالَ الْمَطْلُوبُ: بَلْ هِيَ سِوَاهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَبْرَأُ مِنْ السِّتَّةِ كُلِّهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ أَصَبْغَ فَقَالَ لِي مِثْلَهُ. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) تَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُنْتَخَبِ وَمِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ مَثَلًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَرْضُ مِثَالٍ فَقَطْ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ مَا أَشْبَهُهُ لَا أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِعَيْنِهِ وَقَوْلُ النَّاظِمِ ثُمَّ أَتَى أَيْ الْمُقِرُّ بِالتِّسْعَةِ وَمِنْ بَعْدِ ذَا أَيْ مِنْ بَعْدِ دَفْعِ السَّبْعَةِ وَبِبَيِّنَةٍ يَتَعَلَّقُ بِأَتَى وَمُعْلِنَهْ صِفَةٌ لِبَيِّنَهْ، وَبِقَبْضِ يَتَعَلَّقُ بِمُعْلِنَهْ، وَمِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِقَبْضِ، وَالضَّمِيرُ لِلْمَدِينِ، وَضَمِيرُ قَوْلِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِدَفْعِ الدِّينَارَيْنِ وَهُوَ الْمَدِينُ وَالْمُرَادُ بِالْخَصْمِ صَاحِبُ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>