للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ الرَّجُلِ الْأَوَّلِ وَادَّعَى الْمُشْهِدُ الْمَذْكُورُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَقِّ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ كَرَّرَ الْإِشْهَادَ بِهَا زِيَادَةً فِي التَّوَثُّقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَادَّعَى الرَّجُلُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ وَأَنْكَرَ اتِّحَادَ الْمَشْهُودِ بِهِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَقَالَ هُمَا حَقَّانِ؛ لِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُشْهِدِ، وَهُوَ الْمِدْيَانُ إنَّ جَمِيعَ الْحَقِّ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى ذَلِكَ. الْقَوْلِ الثَّانِي: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَقِّ إنَّهُ مِائَتَانِ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا هَذَا إذَا كَانَ الْإِشْهَادُ بِغَيْرِ رَسْمٍ أَوْ بِرَسْمٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِرَسْمَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ إنَّهُ مِائَتَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ حِينَئِذٍ لِمَا ادَّعَاهُ الْمُشْهِدُ مِنْ أَنَّهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ (قَالَ فِي الْمُفِيدِ) وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي مَوْطِنٍ وَأَشْهَدَ لَهُ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ بِمِائَةٍ وَأَشْهَدَ لَهُ شَاهِدَيْنِ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ هِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي غَيْرِ كِتَابٍ بِذِكْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَاحِدٌ يُؤْخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ وَفِي وَقَوْلِ غَيْرِهِ يُؤْخَذُ بِمِائَتَيْنِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَذَكَرَ سَحْنُونٌ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اضْطِرَابٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَفِي الْمُفِيدِ أَيْضًا) قَالَ عِيسَى فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ رَجُلًا أَشْهَدَهُمَا يَوْمَ السَّبْتِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِرَجُلٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا يَوْمَ الْأَحَدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِذَلِكَ الرَّجِلِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِذَلِكَ الرَّجُلِ إنْ أَقَرَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَاتِهِمْ وَزَعَمَ أَنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أَشْهَدَ بِهَا يَوْمًا بَعْدَ آخَرَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَصُدِّقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَهُمْ فِي صُكُوكٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ يَكُونَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ رَجُلَيْنِ لَا غَيْرُ فَيَحْلِفُ طَالِبُ الْحَقِّ مَعَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ اثْنَانِ شَهِدَا أَنَّهُ سَلَّفَهُ إيَّاهَا بِحَضْرَتِهِمَا وَقَبَضَهَا لِنَفْسِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْ شَهِدَ آخَرَانِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِيَوْمٍ آخَرَ أَوْ شَهِدُوا كُلُّهُمْ أَنَّهَا مِنْ بَيْعٍ وَسَمَّى كُلُّ رَجُلَيْنِ سِلْعَةً غَيْرَ الْأُخْرَى فَيُعْرَفُ بِذَلِكَ أَنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ، وَإِلَّا فَبِبَيِّنَةٍ وَتَكُونُ مِائَةً وَاحِدَةً.

قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا فِي رَسْمِ نَقْدِهَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَقَرَّ لَهُ، وَادَّعَى الْقَضَاءَ فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ خَمْسِينَ وَبِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ خَمْسِينَ فَقَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ هِيَ خَمْسُونَ وَاحِدَةً قَبَضْتُهَا مِنْ الْمِائَةِ وَأَشْهَدْتُ لَهُ بِذَلِكَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ خَمْسُونَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَهُمْ فِي بَرَاءَتَيْنِ. اهـ. قَالَ الشَّارِحُ مَا زَادَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِمَّا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْحَقِّ كَاتِّحَادِ الشُّهُودِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ إنَّمَا هِيَ أَمْثِلَةٌ اكْتَفَى النَّاظِمُ عَنْهَا بِتَعَدُّدِ الرَّسْمَيْنِ إذْ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْحَقَّيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ النَّاظِمِ

مَا لَمْ يَكُنْ ذَاكَ بِرَسْمَيْنِ ثَبَتْ

ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ بِغَيْرِ رَسْمٍ أَوْ بِرَسْمٍ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ مَعَ تَعَدُّدِ الرَّسْمِ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الطَّالِبِ، وَأَنَّ الْحَقَّ مِائَتَانِ مَثَلًا وَنَقَلَ فِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ عَنْ أَصَبْغَ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَلَفْظُهُ بَعْدَ مَا نَقَلَ الْخِلَافُ: هَلْ يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ مِائَتَانِ مَثَلًا قَالَ أَيْ أَصَبْغُ: وَأَنَا أَرَى إنْ كَانَ لَهُ كُتُبٌ فَهِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا إنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُشْهِدَ هُنَا وَيَقُومَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَيُشْهِدُ آخَرِينَ أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّسْمُ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ النَّاظِمُ

مَا لَمْ يَكُنْ ذَاكَ بِرَسْمَيْنِ ثَبَتْ

الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ بِرَسْمَيْنِ صَادِقٌ بِمَا ثَبَتَ بِرَسْمٍ وَاحِدٍ أَوْ بِغَيْرِ رَسْمٍ بَلْ بِالشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَصْبَغَ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا.

(فَرْعٌ) إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ يَوْمَ كَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ مِنْ الْغَدِ بِمِائَةٍ وَثَالِثٌ أَقَرَّ لَهُ مِنْ الْغَدِ بِمِائَةٍ فَعَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُلَفَّقُ يَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَيَسْتَحِقُّ ثَلَاثَمِائَةٍ وَعَلَى أَنَّهَا تُلَفَّقُ فَيَأْخُذُ مِائَةً وَاحِدَةً لِاجْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهَا بِتَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أُشْهِدَ لَهُ بِهَا شَاهِدٌ بَعْدَ شَاهِدٍ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا، اُنْظُرْ شِفَاءَ الْغَلِيلِ.

(فَرْعٌ مُنَاسِبٌ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ) إذَا أَقَرَّ بِمِائَةٍ فِي مَوْطِنٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِمِائَتَيْنِ أَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ بِمِائَةٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مُحَمَّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>