للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ وَفَلَسٌ حَضَرَ أَوْ غَابَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ بِطَلَبِهِ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ دَيْنًا حَلَّ زَادَ عَلَى مَالِهِ أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ فَقَوْلُهُ بِطَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ أَيْ بِطَلَبِ الْغَرِيمِ أَوْ بِطَلَبِ الْمَدِينِ دَيْنًا حَلَّ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَيَسْجُنُوهُ أَوْ يَقُومُوا عَلَيْهِ فَيَسْتَتِرُ عَنْهُمْ فَلَا يَجِدُوهُ.

(الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ) : تَفْلِيسٌ خَاصٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ أَيْ كَخَلْعِهِ مَالَ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ وَهَذَا هُوَ التَّفْلِيسُ الْخَاصُّ وَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ الْحُكْمُ بِالْخَلْعِ لَا نَفْسُ خَلْعِ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ أَيْ كَحُكْمِهِ بِخَلْعِ الْمَالِ. انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.

(وَفِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ) وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا تَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا قَامُوا وَبَنَوْا عَلَى تَفْلِيسِهِ مُحَمَّدٌ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ تَشَاوَرُوا فِيهِ فَذَلِكَ حَدُّ التَّفْلِيسِ وَاعْتَمَدَ النَّاظِمُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ التَّشَاوُرُ تَفْلِيسًا فَأَحْرَى غَيْرُهُ (وَفِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ مَاتَ وَفُلِّسَ فَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ.

وَالِاعْتِصَارُ لَيْسَ بِالْمُكَلَّفِ ... لَهُ وَلَا قَبُولُ غَيْرِ السَّلَفِ

وَهُوَ مُصَدَّقٌ إذَا مَا عَيَّنَا ... مَالًا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ أُمِّنَا

يَعْنِي أَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يُكَلَّفُ وَلَا يُلْزَمُ بِأَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَهُ لِمَنْ لَهُ الِاعْتِصَارُ مِنْهُ لِيَأْخُذَهُ الْغُرَمَاءُ فِي دُيُونِهِمْ بَلْ إنْ شَاءَ اعْتَصَرَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَعْتَصِرْ فَإِذَا اعْتَصَرَ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ فِي دَيْنِهِمْ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِ السَّلَفِ مِنْ هِبَةٍ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ السَّلَفِ أَيْضًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَأَشَارَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي إلَى أَنَّهُ مُصَدَّقٌ إذَا عَيَّنَ مَالًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ: لِلْمُفْلِسِ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ (وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) .

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمِدْيَانَ أَنْ يَتَسَلَّفَ وَلَا أَنْ يَسْتَوْهِبَ وَلَا أَنْ يَتَدَايَنَ لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ، وَلَا أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إنْ طَاعَ لَهُ بِذَلِكَ أَحَدٌ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَعْرُوفٍ لِأَحَدٍ وَلَا تَحَمُّلٌ مِنْهُ وَإِنْ طَاعَ الرَّجُلُ أَنْ يُسْلِفَ الطَّالِبَ فَيَقْضِيَهُ مَالَ الْغَرِيمِ الْمَطْلُوبِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ إنَّمَا هُوَ لِلطَّالِبِ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ الْمَطْلُوبِ فَلَا قَوْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ وَفِي مُفِيدِ (ابْنِ هِشَامٍ) وَإِذَا وَهَبَ لِلْمُفْلِسِ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فِيهَا رِبْحٌ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَبَاهُ (وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ بِشَيْءٍ يُعَيِّنُهُ وَدِيعَةٍ أَوْ قِرَاضٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: إنَّ إقْرَارَهُ لَا يَجُوزُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْمُقَرِّ لَهُمْ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>