للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلَا يُدْفَعُ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْقَتْلِ كَالْمَالِ يُقِرُّ بِهِ ثُمَّ يُنْكِرُ. اهـ (اللَّخْمِيُّ) فِيمَنْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّهْدِيدِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِإِقْرَارِهِ وَلَا يُؤْخَذُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ أَوْ الْقَتِيلَ فِي حَالِ التَّهْدِيدِ لَمْ أَقْطَعْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ حَتَّى يُقِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ آمِنًا.

وَعَلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ إنْ طَاعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ. اهـ وَالذَّاعِرُ الْمُخِيفُ الْمُفْزِعُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: ذَعَرَ بِهِ ذُعْرًا أَفْزَعَهُ وَالِاسْمُ الذُّعْرُ بِالضَّمِّ، وَقَدْ ذُعِرَ فَهُوَ مَذْعُورٌ. اهـ وَقَالَ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: وَدَعِرَ الْعُودُ بِالْكَسْرِ يَدْعَرُ دَعْرًا فَهُوَ عُودٌ دَعِرٌ أَيْ رَدِيءٌ كَثِيرُ الدُّخَانِ، وَمِنْهُ أُخِذَتْ الدَّعَارَةُ وَهِيَ الْفِسْقُ وَالْخُبْثُ. يُقَالُ: هُوَ خَبِيثٌ دَاعِرٌ بَيِّنُ الدَّعَرِ وَالدَّعَارَةِ، وَالْمَرْأَةُ دَاعِرَةٌ. اهـ (وَفِي مُقَدِّمَةِ ابْنِ حَجَرٍ) فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَوْلُ دُعَّارِ طَيِّئٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ جَمْعُ دَاعِرٍ وَهُوَ السَّارِقُ. اهـ وَقَالَ فِي الْمُعْجَمَةِ: قَوْلُهُ: ذَعَرْتُهَا أَيْ أَفْزَعْتُهَا، وَقَوْلُهُ: ذُعْرًا أَيْ فَزَعًا. اهـ وَفِي الْمَشَارِقِ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَا نَصُّهُ: وَقَوْلُهُ: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ؟ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ فُسَّاقُهَا وَسُرَّاقُهَا وَشِرَارُهَا، وَالدَّاعِرُ الدَّنِيءُ الْفَاسِقُ. اهـ وَقَالَ فِي فَصْلِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَا ذَعَرْتُهُ أَيْ أَفْزَعْتُهُ، وَالذُّعْرُ الْفَزَعُ. اهـ

وَيُقْطَعُ السَّارِقُ بِاعْتِرَافِ ... أَوْ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِلَا خِلَافِ

يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا عَدْلَانِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا يَعْنِي مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُنَاكَ كَكَوْنِ الْمَسْرُوقِ نِصَابًا، وَأَخَذَهُ مِنْ الْحِرْزِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَالَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ) : وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ يَجِبُ بِأَمْرَيْنِ: إمَّا بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارٍ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْمُقِرُّ إلَى أَنْ يُحَدَّ (قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) : مِمَّا يَتَأَكَّدُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي شَأْنِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَى عَيْنِ السَّرِقَةِ وَيَوْمِهَا حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ نَعْجَةً وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ كَبْشًا وَاجْتَمَعَا فِي الْوَقْتِ وَالْمَوْضِعِ وَالْفِعْلِ فَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَا تَجُوزُ وَلَا يُقْطَعُ.

وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَى الْكَبْشِ وَصِفَتِهِ وَقَالَ هَذَا: سُرِقَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقَالَ الْآخَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ تَجُزْ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ شَرِبَ أَمْسِ خَمْرًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ شَرِبَهُ الْيَوْمَ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفِعْلِ لَا مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ وَشَهَادَتُهُمَا فِي الْقَذْفِ مِنْ مَعْنَى الْإِقْرَارِ يُقْضَى بِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْيَوْمُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ سَرَقَ بِالْمَدِينَةِ وَآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ بِمِصْرَ لَمْ يُحَدَّ وَقَالَهُ أَصْبَغُ اهـ وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَا سُؤَالًا وَجَوَابًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيِّ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الطَّرِيقَةِ الْفِقْرِيَّةِ الَّذِينَ اُشْتُهِرَ عَنْهُمْ تَحْلِيلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْتَ. (وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) فِي شَهَادَةِ الزِّنَا وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ كَالسَّرِقَةِ مَا هِيَ؟ وَكَيْفَ أُخِذَتْ؟

وَمَنْ أَقَرَّ وَلِشُبْهَةٍ رَجَعْ ... دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ فِي الَّذِي وَقَعْ

وَنَقَلُوا فِي فَقْدِهَا قَوْلَيْنِ ... وَالْغُرْمُ وَاجِبٌ عَلَى الْحَالَيْنِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَتَارَةً يَرْجِعُ لِشُبْهَةٍ وَتَارَةً يَرْجِعُ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَإِنْ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ رَجَعَ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَفِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ قَوْلَانِ: قِيلَ: يُحَدُّ وَقِيلَ: لَا، وَأَمَّا الْغُرْمُ لِلسَّرِقَةِ فَيَغْرَمُهَا سَوَاءٌ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَالْغُرْمُ وَاجِبٌ عَلَى الْحَالَيْنِ

فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِشُبْهَةٍ وَلَمْ يُحَدَّ فَالْغُرْمُ ظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ إنْ رَجَعَ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ، وَقُلْنَا: إنَّهُ لَا يُحَدُّ وَانْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْحَدِّ: هَلْ يَغْرَمُ السَّرِقَةَ أَمْ لَا؟

(قَالَ الشَّارِحُ) : وَفِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ: وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إقْرَارُ السَّارِقِ. وَالثَّانِي: قِيَامُ شَاهِدَيْ عَدْلٍ فَإِذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ قُبِلَ رُجُوعُهُ وَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ. وَالْآخَرُ لُزُومُهُ. (وَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ) : قَالَ مَالِكٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِيمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ مِحْنَةٍ ثُمَّ نَزَعَ لَمْ يُقْطَعْ وَيَغْرَمْ الْمِائَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>