للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُجِنُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ عَلَى مَنْ يُقْسِمُ مِنْهُمْ، وَيُسْجَنُونَ عَامًا إذَا مَاتَ الْمَقْتُولُ مُطْلَقِينَ مِنْ غَيْرِ حَدِيدٍ، فَإِنْ كَانَ جَرِيحًا أَوْ مَرِيضًا سُجِنُوا مُحَدَّدِينَ بِالْحَدِيدِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ لَا بُدَّ لِلْمَسْجُونِ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَدِيدِ؛ حَتَّى يُرَى مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ بِعَفْوٍ أَوْ قَسَامَةٍ عَلَى غَيْرِهِ، أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْحَدِيدِ، وَضَرَبَهُ مِائَةً، وَسَجَنَهُ عَامًا مُسْتَقْبَلًا مِنْ غَيْرِ حَدِيدٍ. اهـ

وَدِيَةُ الْعَمْدِ كَذَاتِ الْخَطَأِ ... أَوْ مَا تَرَاضَى فِيهِ بَيْنَ الْمَلَإِ

وَهْيَ إذَا مَا قُبِلَتْ وَسُلِّمَتْ ... بِحَسَبِ الْمِيرَاثِ قَدْ تَقَسَّمَتْ

تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ هُوَ قِصَاصٌ فَإِذَا عَفَا مَنْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَرَضِيَ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ لَزِمَ، وَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ هَكَذَا مُبْهَمَةً فَتُحْمَلُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْخَطَأِ، وَهِيَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنَّهَا تُغَلَّظُ فَتَكُونُ مُرَبَّعَةً كُلُّهَا إنَاثٌ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً فَإِذَا قُبِلَتْ مِنْ الْقَاتِلِ فَسَلَّمَهَا لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ مِيرَاثِهِمْ. قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ: قُلْتُ لَهُ: فَدِيَةُ الْعَمْدِ إذَا تَصَالَحُوا عَلَيْهَا مِمَّنْ تُؤْخَذُ؟ قَالَ: مِنْ الْقَاتِلِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ مَعْرُوفٍ جَازَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اصْطَلَحُوا عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَلَا تُقَطَّعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، كَمَا تُقَطَّعُ دِيَةُ الْخَطَأِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِوَلِيٍّ أَنْ يَعْمَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨] كَذَلِكَ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) : فَإِنْ قَبِلَ الْوَلَدُ الدِّيَةَ، أَوْ صَالَحَ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، دَخَلَتْ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَبَنَاتُهُ مَعَهُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ فَرَائِضِهِمْ. اهـ فَقَوْلُهُ: كَذَاتِ الْخَطَأِ. هَذَا عِنْدَ الْإِبْهَامِ وَعَدَمِ التَّعْيِينِ لِقَدْرِهَا. وَالتَّشْبِيهُ فِي الْقَدْرِ لَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ مُخَمَّسَةٌ، وَهَذِهِ مُرَبَّعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا تَرَاضَى فِيهِ بَيْنَ الْمَلَإِ هَذَا عِنْدَ تَعْيِينِ قَدْرِهَا مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَالْمَلَأُ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي بِهِمْ الْقَاتِلَ وَالْأَوْلِيَاءَ

وَجُعِلَتْ دِيَةُ مُسْلِمٍ قُتِلْ ... عَلَى الْبَوَادِي مِائَةً مِنْ الْإِبِلْ

وَالْحُكْمُ بِالتَّرْبِيعِ فِي الْعَمْدِ وَجَبْ ... وَأَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبْ

وَقَدْرُهَا عَلَى أُولِي الْوَرْقِ اثْنَا ... عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا أَدْنَى

وَنِصْفُ مَا ذُكِرَ فِي الْيَهُودِ ... وَفِي النَّصَارَى ثَابِتُ الْوُجُودِ

وَفِي النِّسَاءِ الْحُكْمُ تَنْصِيفُ الدِّيَهْ ... وَحَالُهُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مُغْنِيَهْ

تَكَلَّمَ فِي الْأَبْيَاتِ عَلَى جِنْسِ الدِّيَةِ وَقَدْرِهَا، فَأَخْبَرَ أَنَّ دِيَةَ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ كَالشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ كَالْعِرَاقِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.

وَالْمِائَةُ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ مُخَمَّسَةٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذُكُورٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَمْدِ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ بِإِسْقَاطِ ابْنِ اللَّبُونِ، فَتَكُونُ مُرَبَّعَةً خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. (فَإِنْ قُلْتَ) : وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الْعَمْدِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ مِنْ كَوْنِ الْوَاجِبِ الْقِصَاصَ لَا غَيْرُ أَوْ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَأَيْنَ تُتَصَوَّرُ الدِّيَةُ؟ (فَالْجَوَابُ) : أَنَّ لِوُجُوبِهَا فِي الْعَمْدِ سَبَبَيْنِ: الْعَفْوُ عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ، أَوْ عَفْوُ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ. نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَلَا يُؤْخَذُ عِنْدَنَا فِي الدِّيَةِ غَيْرُ هَذَا لَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرَضٌ. اهـ

فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْبَوَادِي: نَحْنُ نُعْطِي الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ. أَوْ قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: نَحْنُ نُعْطِي الذَّهَبَ. قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ إلَّا الذَّهَبُ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ إلَّا الْوَرِقُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ إلَّا الْإِبِلُ. قَالَهُ فِي الْمُقَرَّبِ. هَذَا فِي دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ عَبْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>