أَوْ كَافِرًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَدِيَةُ الْكِتَابِيِّ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ فِي الذَّهَبِ سِتٌّ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ لِأَنَّ خُمُسَ أَلْفِ دِينَارٍ مِائَتَا دِينَارٍ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ مَا ذُكِرَ، وَمِنْ الْفِضَّةِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ خُمُسَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَلْفَانِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَثُلُثُهَا ثَمَانِمِائَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي دِيَةِ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَدِيَتُهَا نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ دِينِهَا، فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ الْكِتَابِيَّةِ نِصْفُ دِيَةِ الْكِتَابِيِّ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيَّةِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ، هَذَا حَاصِلُ الْأَبْيَاتِ. فَقَوْلُهُ: مُسْلِمٌ أَيْ حُرٌّ وَقَوْلُهُ: قُتِلَ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَتَقَدَّمَ مَحَلُّ تَصَوُّرِهَا فِي الْعَمْدِ، عَلَى الْبَوَادِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَهْلِ الْبَوَادِي، وَمِائَةً مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجُعِلَ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْحُكْمُ بِالتَّرْبِيعِ فِي الْعَمْدِ أَنَّهَا فِي الْخَطَأِ غَيْرُ مُرَبَّعَةٍ، أَيْ بَلْ مُخَمَّسَةٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُخَمَّسَةِ، وَأُولِي أَيْ أَصْحَابِ، وَسَكَّنَ رَاءَ الْوَرِقَ ضَرُورَةً.
وَقَوْلُهُ: لَا أَدْنَى. تَأْكِيدٌ لِلْعَدَدِ وَتَكْمِيلٌ لِلْبَيْتِ. وَقَوْلُهُ: وَنِصْفُ مَا ذُكِرَ، أَيْ فِي الْإِبِلِ وَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (فِي الْيَهُودِيِّ) أَيْ وَاجِبٌ أَوْ ثَابِتٌ فِي الْيَهُودِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْيَهُودِيِّ الْجِنْسُ لَا الْوَاحِدُ، وَيَاؤُهُ لِلنَّسَبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِي النَّصَارَى بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَإِلَا قَالَ: " النَّصْرَانِيِّ " بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي الْيَهُودِيِّ. وَأَعَادَ حَرْفَ الْجَرِّ لِلْوَزْنِ وَثَابِتُ الْوُجُودِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ الْمُسْتَتِرِ مُؤَكِّدَةٌ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ فِي النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْكِتَابِيَّاتِ وَالْمَجُوسِيَّاتِ، وَضَمِيرُ (حَالُهُ) لِلتَّصْنِيفِ، وَفِي كُلِّ صِنْفٍ أَيْ مِنْ أَصْنَافِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُغْنِيَةٌ أَيْ عَنْ بَيَانِهَا الْمُبْهَمَاتِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهُوَ خَبَرُ (حَالُ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي لَفْظِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ مَا يُغْنِي عَنْ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى مَا فِي النَّظْمِ بِغَيْرِهِ، وَلَفْظُهُ: وَدِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةً بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ.
وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ ثُمَّ قَالَ، وَعَلَى الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. ثُمَّ قَالَ: وَلِلْكِتَابِيِّ وَالْمُعَاهَدِ نِصْفُهُ وَلِلْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ثُلُثُ خُمُسٍ وَأُنْثَى كُلٍّ كَنِصْفِهِ. وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ أَيْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ.
(تَفْرِيعٌ) قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ: قَالَ سَحْنُونٌ قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَجَنَى جِنَايَةً لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ أَتَكُونُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مِنْ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ كَانَ مَا جَنَاهُ أَقَلَّ مِنْ بَعِيرٍ، لَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبِلِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأُصْبُعِ إذَا قَطَعَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ: أَنَّ عَلَيْهِ ابْنَتَيْ مَخَاضٍ وَاِبْنَتَيْ لَبُونٍ وَابْنَيْ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ وَجَذَعَتَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ قُلْتُ لِعِيسَى: فَإِنْ أُصِيبَتْ لَهُ أُنْمُلَةٌ؟ قَالَ: يَأْتِي بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ فَيَكُونُ فِيهَا شَرِيكًا لِلْمَجْرُوحِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ، وَلِلْجَارِحِ ثُلُثُ كُلِّ بَعِيرٍ مِنْهَا. وَإِنْ أُصِيبَ لَهُ أُنْمُلَتَانِ كَانَ عَلَى الْجَارِحِ أَنْ يَأْتِيَ بِعَشْرٍ مِنْ الْإِبِلِ فَيَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ، لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ وَلِلْجَانِي ثُلُثُ كُلِّ بَعِيرٍ. (قُلْتُ) : فَإِنْ أُصِيبَتْ أُصْبُعُ رَجُلٍ عَمْدًا فَصَالَحَ مِنْهَا عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعِ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَانِيَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ أَسْنَانِ الْعَمْدِ الْأَرْبَعِ، مِنْ كُلِّ سِنٍّ بَعِيرَانِ، فَيَكُونَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْتِي بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ فَيَكُونَانِ فِيهَا شَرِيكَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ كُلِّ بَعِيرٍ. اهـ وَوَجْهُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَمْدٌ، وَدِيَتَهُ مُرَبَّعَةٌ فَثَمَانِيَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَمْكَنَ التَّرْبِيعُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَشْرِيكٍ، وَاثْنَانِ عَلَى صِفَةِ التَّرْبِيعِ، لَا يُمْكِنُ إلَّا مِنْ أَرْبَعَ فَيَكُونَ لِلْجَانِي نِصْفُ كُلِّ بَعِيرٍ مِنْ الْأَرْبَعِ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ.
وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَا ... وَالْإِبِلُ التَّخْمِيسُ فِيهَا قُسِّطَا
تَحْمِلُهَا عَاقِلَةٌ لِلْقَاتِلِ ... وَهْيَ الْقَرَابَاتُ مِنْ الْقَبَائِلِ
حَيْثُ ثُبُوتُ قَتْلِهِ بِالْبَيِّنَهْ ... أَوْ بِقَسَامَةٍ لَهَا مُعَيِّنَهْ
يَدْفَعُهَا الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى بِحَسَبْ ... أَحْوَالِهِمْ وَحُكْمُ تَنْجِيمٍ وَجَبْ
مِنْ مُوسِرٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرْ ... مُوَافِقٍ فِي نِحْلَةٍ وَفِي مَقَرْ
يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، فَتَكُونُ مُخَمَّسَةً عِشْرُونَ مِنْ كُلِّ سِنٍّ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا بَيَانُهُ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَيُعْطِي هَذِهِ الدِّيَةَ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
(ابْنُ الْحَاجِبِ) : وَالْعَاقِلَةُ الْعَصَبَةُ، وَأُلْحِقَ بِالْعَصَبَةِ أَهْلُ الدِّيوَانِ لِعِلَّةِ التَّنَاصُرِ. (التَّوْضِيحُ)