بَيِّنَةَ لِهَذَا الْقَائِمِ، أَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَتَسَاقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ وَتَصِيرَانِ كَالْعَدَمِ، وَيَزِيدُ الْحَائِزُ بِحَوْزِهِ فَيَصِيرُ الْحَوْزُ لَهُ كَالشَّاهِدِ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَيُسْتَحَقُّ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْيَدُ مُرَجَّحَةٌ عِنْدَ التَّسَاوِي مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ، (التَّوْضِيحُ) يَعْنِي إذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَتَسَاوَتَا فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ،. اهـ.
(وَفِي الشَّارِحِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ سَقَطَتَا، وَيَبْقَى الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزٍ، وَيَحْلِفُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمَّا سَقَطَتَا كَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا، وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى، فَوَجَبَ عَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ هُوَ إلَى هَذَا الْمِثَالِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالْيَدُ مَعَ مُجَرَّدِ الدَّعْوَى الْبَيْتَ فَلَفْظُ الْبَيْتِ وَإِنْ شَمِلَ صُورَتَيْنِ فَهُمَا فِي الْمَعْنَى صُورَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَكَافَأَتْ بَيِّنَةُ الْقَائِمِ وَالْحَائِزِ يَتَسَاقَطَانِ، وَيَصِيرَانِ كَالْعَدَمِ فَتُؤَوَّلُ ثَانِيَةُ الصُّورَتَيْنِ إلَى أُولَاهَا فَقَوْلُهُ: أَوَ أَنْ تَكَافَأَتْ أَنْ الْمَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْهَا وَمِنْ مَدْخُولِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُجَرَّدِ أَيْ مُجَرَّدِ الدَّعْوَى، أَوْ مَعَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَيُقْرَأُ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إلَى الْوَاوِ قَبْلَهَا، فَتَكُونُ الْوَاوُ مَفْتُوحَةً. (الْمِثَالُ الرَّابِعُ) إذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْهَا، فَإِنَّ امْتِنَاعَهُ وَنُكُولَهُ كَالشَّاهِدِ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ، وَإِلَى هَذَا الْمِثَالِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْتَ يَعْنِي: وَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْعَقْدِ. (ابْنُ شَاسٍ) الرُّكْنُ الرَّابِعُ النُّكُولُ، وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَلَكِنْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي إذَا تَمَّ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْلِفُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) النُّكُولُ يَجْرِي فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجِبُ الْحَقُّ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَبِهِ حَكَمَ أَئِمَّتُهُمْ اهـ.
قَوْلُهُ
وَفِي سِوَى ذَلِكَ خُلْفٌ عُلِمَا
يَعْنِي أَنَّ سِوَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّاهِدِ الْعُرْفِيِّ كَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ فِي اللُّقَطَةِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ الْقَمْطُ وَالْعُقُودُ فِي الْحِيطَانِ، وَمَنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ فِي الْبُيُوعِ وَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَمَا يُعْرَفُ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَنَّ الشَّاهِدَ الْعُرْفِيَّ يُقْضَى بِهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَانْظُرْ مُقَابِلَ هَذَا الْقَوْلِ هَلْ هُوَ إلْغَاؤُهُ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، لَمْ أَقِفْ الْآنَ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاَلَّذِي نَقَلَ أَهْلُ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الشَّاهِدَ الْعُرْفِيَّ قِيلَ هُوَ كَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ وَهُوَ الَّذِي عِنْدَ النَّاظِمِ هُنَا، وَقِيلَ هُوَ كَشَاهِدَيْنِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، فَقَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ مَعَ نُكُولِ الْبَيْتَ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِي يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ، ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ حُكْمَ مَا إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ سُقُوطُ الدَّعْوَى فَقَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ أَيْ: لَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute