للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ، وَالنَّاظِمُ ذَهَبَ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِقْبَالِ لِجَرَيَانِ الْعَمَلِ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّحْلِيفِ بِالطَّلَاقِ، اسْتِنَادًا لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ إلَخْ فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَقْضِيَةُ الْمُبَاحَةُ الَّتِي يُتَحَيَّلُ بِهَا عَلَى دَفْعِ الظَّالِمِ عَنْ الْمَظْلُومِ، وَسَدِّ أَوْجُهِ الْحِيَلِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ شَرْعًا لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ شَرْعًا، فَإِنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ لِمَا وَرَدَ أَنَّ الطَّلَاقَ، وَالْعَتَاقَ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ، وَالْعُقُوبَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِالْمَعْصِيَةِ تَكْثِيرٌ لَهَا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَانْظُرْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مَنْعُ الْمَطْلُوبِ مِنْ التَّوْكِيلِ فَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ النَّاظِمُ فِي الْوَكَالَةِ،

وَجَازَ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يُوَكِّلَا

.. إلَخْ (قَالَ الشَّارِحُ) : وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ فِي الْجَامِعِ فِي أَعْظَمِ مَوَاضِعِهِ هُوَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُلَاحَظَ فِي الْوَقْتِ لِكَوْنِ الْوَاقِعِ لِأَكْثَرِ مُوَثِّقِي الزَّمَانِ أَنَّهُمْ يُحَلِّفُونَ حَيْثُ تَأَتَّى لَهُمْ وَلَا أَعْلَمُ مُسْتَنَدًا لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ جَهْلٌ بِالْفِقْهِ (وَفِي التَّهْذِيبِ) وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ مِنْ الْحُقُوقِ فَتَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ نَهَارًا فَلْتَخْرُجْ لَيْلًا وَتَحْلِفُ فِي الْيَسِيرِ فِي بَيْتِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ تَخْرُجُ وَيَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَيُجْزِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ مِثْلُ الْحُرَّةِ فِيمَنْ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ وَجَّهَهُ الْقَاضِي لِلتَّحْلِيفِ فَلَا إعْذَارَ فِيهِ وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ.

(فَرْعٌ) مَنْ كُلِّفَ فِيمَا لَهُ بَالٌ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ فَقَالَ: أَحْلِفُ فِي مَكَانِي فَهُوَ كَنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي مَقْطَعِ الْحُقُوقِ، غُرِّمَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، (قَالَ ابْنُ يُونُسَ) : " يُرِيدُ بِهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ " (قَالَ مَالِكٌ) : " مَنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَهُوَ كَالنَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ " (قَالَ الشَّارِحُ) : " يُرِيدُ مَالِكٌ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ ". - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَرْعٌ) أَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي قَوْمٍ لَا جَامِعَ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ حَيْثُ هُمْ، وَلَا يُجْلَبُونَ إلَى الْجَامِعِ، (وَأَجَابَ التَّازَغْدَرِيُّ) " أَنَّهُمْ يُجْلَبُونَ إلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عَلَى مِقْدَارِ مَسَافَةِ الْجُمُعَةِ " صَحَّ مِنْ آخِرِ السِّفْرِ الْخَامِسِ مِنْ الْمِعْيَارِ. .

وَهْيَ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِي الْأَعْرَفِ ... عَلَى وِفَاقِ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الْوَاجِبَةَ بِالشَّرْعِ هِيَ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا عَلَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ " وَإِنْ تَعَدَّدَتْ " أَيْ تَنَوَّعَتْ إلَى: يَمِينِ تُهْمَةٍ، وَيَمِينِ قَضَاءٍ، وَيَمِينِ مُنْكِرٍ، وَيَمِينِ كَمَالِ النِّصَابِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ أَيْ: الطَّالِبِ لِلْحَلِفِ، وَهُوَ الْمَحْلُوفُ لَهُ، فَمَنْ طَلَبَ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ فَحَلَفَ الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ، وَنَوَى حَاضِرًا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) : " وَعَبَّرَ الشَّيْخُ بِأَعْرَفَ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ". وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي فِي غَيْرِ وَثِيقَةِ حَقٍّ فَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ اللَّهِ مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ عَتَاقٍ فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ، ثَالِثُهَا إنْ تَبَرَّعَ بِهَا فَعَلَى نِيَّتِهِ، وَإِنْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَعَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ، هَذَا حَاصِلُ مَا عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>