ابْنِ الْحَاجِبِ.
(قَالَ الشَّارِحُ مَا حَاصِلُهُ) : إنَّ إطْلَاقَ النَّاظِمِ فِي كَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ يَدَيْ الْحُكَّامِ، وَكُلُّهَا عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
وَمَا يَقِلُّ حَيْثُ كَانَ يَحْلِفُ ... فِيهِ وَبِاَللَّهِ يَكُونُ الْحَلِفُ
يَعْنِي: أَنَّ الْحَقَّ تَتَوَجَّهُ بِسَبَبِهِ الْيَمِينُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، فَإِنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَحْلِفُ حَيْثُ كَانَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ سُوقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يَعْنِي: وَكَيْفَ كَانَ أَيْضًا قَائِمًا أَوْ جَالِسًا مُسْتَقْبِلًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ.
(قَالَ ابْنُ يُونُسَ) قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: " وَيُسْتَحْلَفُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قَائِمِينَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ فِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِغَيْرِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ الْأَعْظَمِ حَيْثُ يُعَظِّمُونَ مِنْهُ عِنْدَ مِنْبَرِهِمْ، وَتِلْقَاءِ قِبْلَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحَقُّ رُبُعَ دِينَارٍ حَلَفُوا جُلُوسًا إنْ أَحَبُّوا، أَوْ يَحْلِفُ الرَّجُلُ فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فِي مَكَانِهِ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا وَلَا تَخْرُجُ فِي ذَلِكَ. اهـ
وَالشَّاهِدُ قَوْلُهُ " فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحَقُّ رُبْعَ دِينَارٍ " إلَخْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَمَا يَقِلُّ حَيْثُ كَانَ يَحْلِفُ
فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَبِاَللَّهِ يَكُونُ الْحَلِفُ " فَهُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ، كَانَ الْحَقُّ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ أَقَلَّ، وَفِي تَقْدِيمِ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي الْبَيْتِ إشَارَةٌ إلَى الْحَصْرِ، وَإِنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْجَلَالَةِ لَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ فِي غَيْرِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ: كَالْقُرْآنِ، وَالْمُصْحَفِ وَأَحْرَى مِمَّا لَا تَنْعَقِدُ بِهِ كَالنَّبِيِّ، وَالْكَعْبَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْيَمِينُ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ يُزَادُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ، وَفِي الْقَسَامَةِ، وَاللِّعَانِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
(التَّوْضِيحُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ وَوَصْفِهِ بِاَلَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ.
(الْمَازِرِيُّ) وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِاَللَّهِ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ أَشْهَبُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَجْزَأَهُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ (اللَّخْمِيُّ) : الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ الْإِجْزَاءُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَاخْتَارَهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ فِي أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ. اهـ وَاقْتِصَارُ النَّاظِمِ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ كَأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute