بات ساجي الطرف والشوق يلح ... ولدجى أن يمض جنح يات جنح
فكأنّ الشرق باب للدجى ... ماله خوف هجوم الصبح فتح
يقدح النجم لعيني شرراً ... ولزند الشوق في الاحشا قدح
لا تسل عن حال أرباب الهوى ... يا ابن ودي ما لهذا الحال شرح
لست أشكو حال جفني والكرى ... إن يكن بيني وبين النوم صلح
إنما حلى المحبين البكا ... أي فضل لسحاب لا يسح
يا نداماي وأيام الصبا ... هل لنا رجع وهل للعمر فسح
صبحتك المزن يا دار اللوى ... كان لي فيها خلاعات وشطح
حيث لي شغل بأجفان الظبا ... ولقلبي مرهم منها وجرح
كل عيش ينقضي ما لم يكن ... مع مليح ما لذاك العيش ملح
وبذات الطلح لي من عالج ... وقفة أذكرها ما اخضل طلح
حيث منا الركب بالركب التقى ... وقضى حاجاته الشوق الملح
لا أذم العيس للعيس يد ... في تلاقينا وللأسفار نجح
قربت منا فما نحو فم ... واعتنقا فالتقى كشح وكشح
وتزودت شذا من مرشف ... بفمي منه إلى ذا اليوم نفح
وتعاهدنا على كاس اللمى ... أنني ما دمت حياً لست أصحو
يا ترى هل عند من قد رحلوا ... أن عيشي بعدهم كدّ وكدح
كم أداوي القلب قلت حيلتي ... كلما داويت جرحاً سال جرح
ولكم أدعو وما لي سامع ... فكأني عندما أدعو أبح
حسنوا القول وقالوا غربة ... إنما الغربة للأحرار ذبح
أشتكي برح الجوى إن لم يرى ... كابن فروخ فتي لم يشك برح
ابن من كان لعاب سيفه ... ماله الأبا على القرن مسح
فإذا قيل ابن فروخ أتى ... سقطوا لو أن ذاك القول زح
كل من أسهره من رعيه ... نومه اليوم بظل السيف سدح
بطل لو شاء تمزيق الدجى ... لأتاه من عمود الصبح رمح
بأبي أفدي أميري إنه ... صادق القول نقي العرض سمح
كلما قد قيل من ترجيحه ... في الندى أو في الوغى فهو الأصح
كم طروس بالقنا يكتبها ... وسطور بلسان السيف يمحو
يا عروس الخيل والسيف له ... من قراع الخيل والابطال صدح
يا رحان الحرب والخيل لها ... في حياض الموت بالفرسان سبح
حط سيف الجود في حظى الذي ... هو كالدهر يمنّى ويشح
وانتقذني واتخذني بلبلاً ... صدحه بين يدي علياك مدح
طالع الادبار مالي وله ... إن يكن من كوكب الاقبال لمح
كل بيت في العلى أنحته ... من نضيد الدر والياقوت صرح
ناطق عني بالفضل الذي ... أن يباري فله في الفوز قدح
بقواف كسقيط الطل أو ... أنها من وجنات الغيد رشح
خلقت طوى يدي كيما ترى ... لا كمن يتبعها وهي تشح
وله أيضاً
رأى اللوم من كل الجهات فراعه ... فلا تنكروا اعراضه وامتناعه
ولا تسألوه عن فؤادي فإنني ... علمت يقيناً أنه قد أضاعه
له الله ظبياً كل شيء يروعه ... فيا ليت لي شيأ يزيل ارتياعه
ويا ليته لو كان من أول الهوى ... أطاع عذولي واكتفينا نزاعه
فما راشنا بالسوء إلا لسانه ... وما خرب الدنيا سوى ما أشاعه
أشاع الذي أغرى بنا السن العدي ... وطير عن وجه التغالي قناعه
وأصبح من أهوى على فيه قفلة ... يكتّم خوف الشامتين انفجاعه
وآلي عليّ أن لا أقيم بأرضه ... واحرمني يوم الفراق وداعه