فرحت وسيري خطوة والتفاته ... إلى فائت منه أرجى ارتجاعه
ذرعت الفلا شرقاً وغرباً لأجله ... وصيرت أخفاف المطي ذراعه
فلم يبق أرض ما وطئت بساطه ... ولم يبق بحر ما رفعت شراعه
كأني ضمير كنت في خاطر النوى ... أحاط به واشي السرى فأذاعه
أخلاي من دار الهوى زارها الحيا ... ومد إليها صالح الغيث باعه
بعيشكم عوجوا على من أضاعني ... وحيوه عني ثم حيوا رباعه
وقولوا فلان أوحشتنا نكاته ... وما كان أحلى شعره وابتداعه
فتى كان كالبنيان حولك واقفاً ... فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه
أبحت العدى سمعاً فلا كانت العدى ... متى وجدوا خرقاً أحبوا اتساعه
فكنت كذي عبد هو الرجل والعصى ... تجنى بلا ذنب عليه فباعه
لكل هوى واش فإن ضعضع الهوى ... فلا تلم الواشي ولا من أطاعه
إذا كنت تسقي الشهد ممن تحبه ... فدع كل ذي عدل يبيع فقاعه
وقولوا رأينا من حمدت افتراقه ... ولم ترنا من لم تذم اجتماعه
وأنىّ الذي كالسيف حداً وجوهراً ... لمن رام يبلو ضره وانتفاعه
وما كنتما إلا يراعاً وكاتباً ... فمل والقى في التراب يراعه
فإن أطرق الغضبان أو خط في الثرى ... فقولوا فقد ألقى إليكم سماعه
وقال مضمناً
لا يدعي بدر لوجهك نسبة ... فأخاف أن يسود وجه المدعي
والشمس لو علمت بأنك دونها ... هبطت إليك من المحل الأرفع
ثم وقفت على ديوانه الذي هو درج الدر. ودرج الكلام الحر. وروض الأدب الغض. وسوق رفيقه الناصع البض. فاخترت منه ما لا يرد على سمع انسان إلا وصدر باستجادة واستحسان. فمن قوله يمدح الشيخ أبا الاسعاد بن وفا
قد نفذت ذخائر الفؤاد ... فكم أرّبى الدمع للسهاد
فؤاد من يحب مثل دمعه ... ودمعه مظنة النفاد
إذا هدى الليل فطيف مقلتي ... يظل بالنزيف غير هاد
ومن بكى من النوى فقد رأى ... بعينه تقطع الأكباد
تمايلوا على الجمال ميلة ... فعلموها مشية التهادي
وما سمعت بالغصون قبلهم ... مشت بها أكثبة البوادي
فإن تجديدي على ترئبي ... فلا تقل لغيبة الفؤادي
وإنما رفعتها لأنها ... كانت لهم حمائل الأجياد
حمر الخدود إن تغب فشكلا ... بناظريّ داخل السواد
لأجل ذا الدمع جرى يسوقها ... ونظم الياقوت في نجاد
لا وأبي ومن يقل لا وأبي ... فإنها اليّة الأمجاد
ما عثر الغمض بذيل ناظري ... ولا انثنت لطيفهم وسادي
وهب رشاش مقلتيّ جائلاً ... فأين منها زلق الرفاد
آه وآه إن تكن ملأ فمي ... فإنها مضمضة الصوادي
قد نقض السمع حديث غيرهم ... كما نقضت الصبر من فؤادي
أعاذلي وللهوى غواية ... بعت بها كما ترى رشادي
ولعت بي وشعلتي كمينة ... كقادح يعبث في زناد
دع الهوى يلعب بي وإن تشا ... فعدّني من عذبات وادي
ما لحق اللوم غبار عاشق ... حدا به من المشيب حاد
أما ترى الأقاح حول لمتى ... حكى ابتسام البرق في الدادي
بشرني طلوعه بأن لي ... صبح وصال لدجى بعاد
ولم أقل مناصل تجردت ... وأركزت بجانب الأغماد
كان بيض الشعرات السن ... على ضياع رونقي تنادي