فقلدني المشيب على عذاري ... لجاماً كف راسي عن جماحي
وقلت لعاذلي ايه فإني ... وهبت اليوم سمعي للواحي
هو القدر المتاح على الغواني ... فقل ما شئت في القدر المتاح
وما حسن العيون بلا بياض ... وما ليل التمام بلا صباح
وما ضيف أتاك بلا احتشام ... وأنت من الرحيل على جناح
وقال
أرأيت ما صنعت يد التفريق ... أعلمت من قتلت بسعي النوق
رحل الخليط وما قضيت حقوقهم ... بمنى النفوس وما قضين حقوقي
علقوا بأذيال الرياح ووكلوا ... للبين كل معرّج بفريق
وغدوت أصرف ناجذي على النوى ... وأغص من غيظ الوشاة بريقي
هجروا وما صبغ الشباب عوارضي ... عجلان ما علق المشيب بزيقي
فكأنني والشيب أقرب غاية ... يوم الفراق كرعت من راووق
لا رق بعدهم لخيال لناظري ... إن حن قلبي بعدهم لرحيق
لعب الفراق بنا فشرد من يدي ... ريحانتي صديقتي وصديقي
لله ليلتنا وقد علقت يدي ... منه بعطف كالقناة رشيق
عاطيته حلب العصير وصدنا ... عن وجه حاجتنا يد التفريق
ما كان أسرع ما دحته وإنما ... دهش السقاة به عن الترويق
أيقظته والليل ينفض صبغه ... والسكر يخلط شائقاً بمشوق
والنوم يعبث بالجفون وكلما ... رقت النسيم قست قلوب النوق
والبرق يعثر بالرحال وللصبا ... وقفات مصغ للحديث رفيق
باتت تحرش والقنا متبرم ... بينا لغصون وقده الممشوق
فأجابني والسكر يعجم صوته ... والكاس تضحك للثنايا الروق
لولا الرقيب هرقت مضمضة الكرى ... وغصصت صافية الدنان بريقي
ثم انثنيت وزلفه بيد الصبا ... وشميمه في جيبي المشقوق
وقال
يا أخا البدر رونقاً وسناء ... وشقيق المها وترب الغزاله
ساعد الجد يوم بعتك روحي ... لا وعينيك لست أبغي اقاله
يا عليل الجفون عللت قلبي ... زاد جفنك علة وذباله
ما لعيني كلما عنّ ذكرا ... ك تداعت جفونها الهطاله
جن طرفي مذ غاب عنه محيا ... ك جنوني فلا تسل ما جرى له
كنت قبل الهوى ضنيناً بقلبي ... خدعتني لحاظك الختاله
لك قدّ القنا وثغر الأقاحي ... وجفون المها وجيد الغزاله
من تناسى بالرقمتين ودادي ... فبعيني غصونه المياله
رب ليل قصرته بغرير ... حل من عقد زلفه فأطاله
من عذيري في حب طفل لعوب ... عودوه سفك الدما فحلاله
كلما صد عن سواي دلالاً ... صدعني تبرماً وملاله
لست أنسى يوم الفراق وقد أدر ... ك من شملنا النوى آماله
غصب البين من يدي كل غصن ... سرق الغصن لينه واعتداله
فرّ نشوان من يدي يتكفي ... ثقل الورد غصنه فأماله
لم تدع لوعة الجوى في حشاه ... من حصاة الفؤاد غير ذباله
يا لواة الديون نفثة مصدور ... إذا بت أنفاسه أوصاله
إن ذوب الجفون في اثر الفادين ... أولى لناظري أولى له
فليلمني العذول ما شاء إني ... لست لي في هوى الحسان ولاله
وقال
سرى والليل ممدود الرقاق ... وساعي الفجر يحجل في وثاق
خيال من عثيمة أو لبيني ... أو الشماء أخت بني البراق
يطوف في الشأم وهي عراق ... وما بعد الشأم من العراق
أقول لها وقد خطرت رياح ... من الزوراء في حلل رقاق
وقد برد السوار على يديها ... فأحميت القلائد بالعناق