وفت شمائله فقلت نسيم ... وزكت خلائقه فقلت شميم
قصر الكلام على الملام وإنما ... للخط في وجناته تكليم
شرفت معاطفه بأمواه الصبا ... وجرى عليه بضاضة ونعيم
قد كاد تشربه العيون بضاضة ... لكن سيف لحاظه مسموم
وقال
إذا أبصرت شخصك قلت بدر ... يلوح وأنت انسان العيون
جرى ماء الحياة بفيك حتى ... أمنت عليك من ريب المنون
وقال
زارني والبرق يرمي بالشرر ... وعيوني شاخصات في القمر
ذو دلال كلما مر حلا ... آه ما أحلى هواه وأمر
بينما نحن على وفق الهوى ... نتشاكي سل قلبي ونفر
وانثنى يعدو وأعدوا خلفه ... وهو يرميني بأطراف النظر
ويك يا شامي لا تطمع على ... ضعف عينيه بأحداق الخزر
وقال
رشفت صروف الدهر ماء نضارتي ... عجلان ما أدمى الفؤاد وما رمى
إن الذي صبغ الحياء بياضه ... لم يدر كيف غرقت من خجلي دما
إن الذي فارقتموه ولم يمت ... يا عز كان أعز منك وأظلما
وقال
آه يا غصن النقا ما أميلك ... جل يا غصن النقا من عدلك
قد قضى لي بتباريح الجوى ... من قضى بالحب لي والحسن لك
أكل الحب فؤادي بعدما ... لاك منى ما تمنى وعلك
هلك الشامي وجداً وأسى ... ما يبالي يا حياتي لو هلك
قل لي فيك غراماً وجوى ... قلل الله عذولاً قللك
حكم الله لفودي على ... نسخة الشيب وتسويد الحلك
يا غراب البين لا كنت ولا ... كان واش دب فيهم وسلك
أخذوا منا وأعطوا ما اشتهوا ... ما كذا يحكم فينا من ملك
جرت في الحكم على أهل الهوى ... لا تخف فالأمر لله ولك
ليت شعري أمليك في الورى ... أنت يا إنسان عيني أم ملك
حكم الدهر علينا بالنوى ... هكذا تفعل أدوار الفلك
أتراهم قد دروا أي دم ... هرق الواشي على تلك الفلك
وقال
كل شمل وإن تجمع حيناً ... سوف يمني بفرقة وشتات
لا ألوم النوى فرب اجتماع ... كان أدنى إلى نوى وثبات
مثل ما زيدت السهام غلوّا ... في صدور العدا بقرب الرماة
وقال من قصيدة
وقد جعلت نفسي تحن إلى الهوى ... حلا فيه عيش من بثينة أو مرّا
وأرسلت قلبي نحو تيماء رائداً ... لي الخفرات البيض والشدن العفرا
تعرّف منها كل لمياء خاذل ... هي الريم لولا أن في طرفها فترا
من الطيبات الرود لو أن حسنها ... يكلمها أبدت على حسنها كبرا
وآخران عرّفته الشوق راعني ... بصد كأني قد أبنت له وترا
أناشد فيه البدر والبدر غاير ... وأسئل عند الريم وهو به مغرى
فما ركب البيدا لو لم يمكن رشا ... ولا صدع الديجور لو لم يمكن بدرا
لحاظ كأن السحر فيها علامة ... تعلم هاروت الكهانة والسحرا
وقد هوى الغصن الرطيب كأنما ... كسته تلابيب الصبا ورقاً نضرا
رتقت على الواشين فيه مسامعاً ... طريق الردى منها إلى كبدي وعرا
أعاذلتي واللوم لؤم ألم ترى ... كأن بها عن كل لائمة وقرا
بغيك الثرى ما أنت والنصح إنما ... رأيت بعينيك الخيانة والغدرا
وما للصبا يا ويح نفسي من الصبا ... تبيت تناجي طول ليلتها البدرا
تطارحه والقول حق وباطل ... أحاديث لا تبقى لمستودع سرا
وتلقى على النمام فضل ردائها ... فيعرف للأشواق في طيها نشرا
يعانقها خوف النوي ثم تنثني ... تمزق من غيظ على قدك الازرا