أحد فضلاء اليمن. وواحد أدباء الزمن. إن نثر أزري بزهر المروج. وأوفى على زهر البروج. وإن نظم أخجل جواهر العقود. وفعل بالألباب فعل ابنة العنقود. وكلامه يطرب الأسماع. ويأخذ بمجامع القلوب والأسماع. على أنه كان مغالياً بشعره. أسفا أن يقرن شعر أقرانه بشعره. وإذا ذكر معه أحد من الشعراء. قال ايقاس الفحل بالعشراء. وقد وقفت له على نثر اتبعه بنظم. نهك فيه من أدباء بلده اللحم والعظم. وهو رسالة كتبها إلى جمال الاسلام والمسلمين. علي بن المتوكل على الله أمير المؤمنين. وقد أحسن التوجيه فيها بأسماء السور. وجلا معانيها في أحسن الصور. وصورتها مولانا جمال الاسلام. وبهجة الايام. لا زالت آيات الثنا عليه منزلة. وسور المدائح لديه مجملة ومفصلة. فإن الشعراء ببابك العالي كالنمل. ولو طاب ما يخرج في أفواههم لقلت كالنحل. قد ملؤا الحجرات. وأشبهوا بأكمامهم الصافات. وبسرعة عدوهم إلى السفرة العاديات. فهم كالانعام لدى المائده. ما منهم إلا من يرى الحذر في الأطعمة. ولا يجيز الترتيل للقم البارده. قد جودوا الأكل لكنهم يرون اظهار البلع في موضع الاخفاه. ويلزمون العشا القصر والمقلاة الامالة وهذا مخالف لما عليه القراء طالما وقفوا في السفرة حيث لا يحسن الوقوف. وكم سمعت لهم عند رؤية الثريد غنة تنبىء عن معرفتهم بمخارج الحروف. يستجيدون في اللقم الادغام. ولا يقنعون من الطبائخ بالاشمام. لهم في تسهيل النجم تدقيق. وعند تفخيم الهضبات ترقيق. فأما فلان فللوغد عند صوته فخامه. ومتى أنشد قصيدة ظن السامع أنها الحاقة أو القيامه. لا يحسن العصص. ولا يجيد الفاتحة ولا المخلص. ليس له حجر إبراهيم. ولا عرفات بالطلاق والتحريم. يروم أن ينظم ما حرروه لقمان من الحكم. فيأتي من كهف خياله بقصة يونس وما لقي من الألم. فسبحان من أسرى بعقله من تلك الثياب. وصيره ضحكة بين الأحزاب. وأما فلان فما أحقه أن يتلى له الواقعه. ويرمي بجميع ما قاله في القارعه. لأن البقرة عنده انسان. وله عند الأنفال نضنضة افعوان. طالما نسجت على شعره العنكبوت. وضاقت بما قاله المنازل والبيوت. وتبرم به البلد. واستجار بالمعوذات منه كل أحد. يحب التكاثر ويبخل بالماعون. ويحضر الجمعة هو والمنافقون. وأما فلان وإن عز ببابه الغاشيه. وأعجب قاعداً بالانشاد على ركبه الجاثيه. وادعى أنه فرد العصر. وأنه لا يأتي الزمان بمثل إلى الحشر. فإنه يستعين في زخرف نظمه بالزمر. وكثيراً ما تراه لا يفرق في البروج بين النجم والشمس والقمر. فإذا رأيته يزمزم بالفتح في الكلام. ويتشبه بمحمد عليه الصلاة والسلام. فنعوذ بالله من جهل كالليل المظلم. وانسان في صورة الفيل المفلم. نعم أجمع أهل الشورى على أن يذري جميع ما قالوه في الذاريات. ويحال جوائزهم فيه على النازعات. ويؤمروا بالحج والتوبه. وأن لا يكون لهم إلى تعاطي الشعر من أوبه. ويخوفوا بالنبأ. وتتلى عليهم الأواخر من سبأ. وقد نظم المملوك قصيدة صعد بها الأعراف. وأتى فيها من أوصاف النساء بمحاسن الأوصاف. وأجاد فيها تشبيه العذار بالدخان والأرداف بالأحقاف. ووشحها بتقاصير الحكم. وعوذها من الناس بتبارك وحصنها من الجن بالقلم. وقطع في تنقيح مرسلات أمثالها شطر الدهر. واشتغل بتنميقها عن رعاية القدر في ليالي هذا الشهر. قضاء لحق نعمتك التي أحلتني الطور. وأقبستني النور. فإن تقض بالفرق بين شعري وشعرهم فكرتك الممتحنة. وتحقق أن فضل قافيتي على قوافيهم كالضحى مردوفة بالبينة. وتميز بين النظمين بالتباين. وإلا وقع في المعارج التغابن. وربما قطعت عليهم النشيد. وبرزت في الصف شاكاً في الحديد. لا زال النصر قرين لوائك. والزلزلة في بيوت أعدائك. وتبت يدا معاديك. وقر بالاخلاص قلب مواليك. والقصيدة الموعود بها هي هذه
أما آن أن ترقي الجفون السواجم ... وتقصر هاتيك القلوب الهوائم
وقد سمعت زهر النجوم دعايتي ... وملت مناجاتي لهن الحمائم
إلى الله حتى البرق أعداه رقة ... نحولي واعتلت لجسمي النسائم
ومن حر ما ألقاه من مهيع الصبا ... غدت نسمات الحي وهي سمائم
وقد ذهبت لوني يد الشوق واكتسى ... أصيل الحمى من صغرتي وهو نائم