للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو شئت أن تظفر في الدهر بما ... قارب مثل مثله لم تجد

بحر خضم لا ترى ساحله ... بعلمه يقذف لا بالزبد

وواضع الفضل لمعنى مفرد ... كأنه لغيره لم يقصد

قد كثر النظر ولكني أرى ... نظماً بغير مدحه لم يحمد

قد أخذ الأخلاق عن أجداده ... نقلاً صحيحاً بحديث مسند

فكلها حميدة محمودة ... يسندها أحمد عن محمد

يسفر عن نجابة تهللت ... بوجهه الأغر عند المولد

وكل شمل للعلى مفرق ... جمعه بملله المبدد

لو صور العقل صفات قلبه ... ولم تشبه شائبات الحسد

رأيت أرواح الكمالات غدت ... سارية في ملك مجسد

كم منة في العلم قد ناظره ... فعاد عند علمه كالمبتدى

لم أر في الدهر وهوباً مادحاً ... أوسع فضلاً باللسان واليد

غير الذي قد حمدت أخلاقه ... نظام دين الله حقاً يا أحمد

وكيف أحصي من ثناء سيد ... لكل مجد في الورى مشيد

وافتخر الدهر بأن صار له ... عبداً ولكن من أقل الأعبد

وكل ذي حاج تراه مدلجاً ... يؤم بيت جوده المصمّد

قد جاد في الدهر بكل جي ... د لكنه بعرضه لم يجد

ما زلت من ألطافه أعهد ما ... ينسي غريب الدار ذكر المعهد

وكنت أخشى قبله الدهر فمذ ... خدمته أمنت صرف الأبد

أصبح في الدهر لنا مؤيداً ... كفى به والله من مؤيد

قيدني احسانه وما أرى ... للحر كالاحسان من مقيد

لمخلصيه وعلي أعدائه ... كالصارم المهند المجرد

صيرتني مجتهداً ولم أكن ... في غير مدحي لك بالمجتهد

لكن تفاءلت بقول مرشد ... والفوز مقرون بقول المرشد

وصرت في الشكر له مجتهداً ... وصار من أنعامه مقلد

وفقه الله لكل مطلب ... يرومه في دهره ومقصد

عفواً فقد قابلت دراً بحصى ... وبحر نظم شعركم بالثمد

ولي لسان طال في مدحكم ... إذ قصرت عن المجازاة يدي

واعلم بأني مذ وصلت حيكم ... ما خطر الفراق لي في خلد

لكن أرى صعب أمور دونها ... تستسهل الروح فراق الجد

لا برحت تترى عليكم نعم ... عظيمة من الاله الصمد

ممتعاً بالعز والاقبال ما ... حن إلى الوالد قلب الولد

وما سلي بفضلكم مغترب ... عن بلد الأهل وأهل البلد

وكتب إليه أيضاً أو إن سفره إلى فارس

ما كنت أحسب إن الدهر يبعدني ... عن سيد قربه في الدهر مطلوب

لكن جرى قلم التقدير من قدم ... إن الفراق على الألفين مكتوب

وكتب إليه في المعنى أيضاً

ما كنت أحسب أن الدهر يحرمني ... عن الحضور بذاك المجلس العالي

لكن جرى قلم التقدير من قدم ... أن لا يدوم نعيم قط في حالي

وكتب إليه من فارس سنة سبعين وألف

لولا مضايق أحوال وقعت بها ... لم تبق لي سيداً يوماً ولا لبدا

لما جرى بشكاة الدهر لي قلم ... ولا جمعت عليه اصبعاً أبدا

والحر ما زالت الأقدار تقحمه ... شدايد الدهر حتى يفقد الجلدا

ما زلت في موقف الاخلاص منت ... صباً وفي مجاهدة الأعداء مجتهدا

وكنت عندك في قرب ومنزلة ... فليت شعري ما بعد البعاد بدا

لا زال عمرك بالتأبيد متصلاً ... وعضد عزك بالتأييد معتضدا

ومن شعره أيضاً ما كتبه إلى ولده الآتي ذكره

بليت بدهر بالأفاضل غادر ... وأنت على علاته غير عاذر

قطعت حبال الوصل خوف خصاصة ... ولم تك في الضراء عندي بصابر

<<  <   >  >>