للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيا من لم أقل بنداه إلا ... وانحلت الورى بدواً وحضرا

تركت بحبك الأحشاء بحراً ... وقلت بمدحك الألفاظ درا

أطعت الحب فيك وكنت مراءً ... أبياً لم يطع للحب أمرا

فدم واقصر هواك على المعالي ... وطل بدوامها باعا وعمرا

وقال مادحاً السيد حسين بن علي بن شدقم الحسيني المدني

زفت إلى ابن المزنة الخمر ... والشرط أن عقولنا مهر

حمراء يلقاك الحباب بها ... متبسماً فكأنه ثغر

وكأنه شمس يطوف بها ... زاهي الجبين كأنه بدر

وكأنه ما بيننا قمر ... دارت عليه الأنجم الزهر

ساق تكاد تسيل من سرف ... أعضاؤه وفؤاده صخر

أنفقت عمري في سياسته ... وبمثل ذلك ينفق العمر

غنىّ وقال لي اصغ مستمعاً ... إن كان يحفظ قلبك الصدر

واسرق مرادك آمناً فلقد ... أغفي على تفريدي الدهر

ما زال يسقيني ويشربها ... حتى تسهل خلقه الوعر

فحتى إذا أخذت مآخذها ... منه ومال بقده السكر

قبض الحجاب من الحياء يداً ... فمضى به وتهتك الستر

فتلمست شفتاي وجنته ... خلساً كما يتلمس الجمر

وجرى لنا سر أضن به ... والسر لم يسمح به الحر

حتى أمال البدر حجفته ... عنا وسلّ حسامه الفجر

يوم هو الأضحى وصلت به ... من وصله ليلاً هو القدر

في بقعة تزهو جوانبها ... فكأنهن مطارف خضر

عشق السماء رياضها فبكي ... فيها الحيا وتبسم الزهر

يجري بها نهر تدفقه ... ويد الحسين كلاهما غمر

للجود ذا ماء براحته ... وبكل راجية له نهر

ما ضر سبروتا يمر بها ... إلا بصوب بحيها القطر

أنست در كلامه فأنا ... بالله أشهد أنه بحر

زره تعد صبا بحضرته ... قد يتّمتك فعاله الغر

وانظر سحاباً فطر جبهته ... ماء الحياء وبرقه البشر

واغضض جفونك إذ تقابله ... كيلاً يطيش بلبك الذعر

كم نلت منه يداً خدلجة ... جاءت تخلخل شوقها العذر

يا دوحة والمكرمات لها ... فرع نما والمصطفي عتر

تنظيم وصفك فوق مقدرتي ... والشهب لا يصطادها الصقر

وصف يطل به الحجى دمه ... ويضل بين شعابه الفكر

كن في السماء فتلك مرتبة ... جلت وأوجبها لك القدر

شهدي مشاهدتي جمالكم ... والصبر عنكم كاسمه صبر

أنا مغرم ذابت ضمائره ... حباً ووافق سره الجهر

نطقت بما تولى قريحته ... مدحاً كما يتنظم الدر

دخرت لجودك شكرها زمناً ... ولمثل جودك يدخر الشكر

كم حاولت تثني عليك هوى ... فإذا ذكرتك هابك الشعر

واستدعيته ليلة إلى مجلس اجتمع فيه جمع من الأجلا وانتظم فيه عقد شمل من الأخلا فكتب إلي معتذراً ولأفنان البلاغة مهتصراً قوله

يا بارعاً في حيازة الحسب ... وبارزاً في شرافة النسب

وحاوياً نور كل مكرمة ... فضيها بين نرجس الشهب

عز على عبدك المتيم إن ... دعوته مكرماً فلم يجب

عارضه من زكامه حصر ... أصبح منه الفؤاد في لهب

فخاف إن زاركم بعارضه ... يمنعه من رعاية الأدب

فأجبته بقولي وكانت أبياته الغراء مكتوبة في ورقة صفراء

يا بالغاً من بلاغة العرب ... أقصى الأماني ومنتهى الأرب

ويا بليغاً حوت بلاغته ... در المعاني وجوهر الأدب

ويا اماماً سمت فصاحته ... قيساً وقساً في الشعر والخطب

ما الراح في صفوها ورقتها ... مفترة عن مباسم الحبب

ولا عروس الكعاب ضاحكة ... تبسم عن لؤلؤءٍ من الشنب

<<  <   >  >>