للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو صدقت فيما تقول من الأسى ... لما لبست طوقاً ولا خضبت كفا

أجارتنا أذكرت من كان ناسياً ... وأضرمت ناراً للصبابة لا تطفا

وفي جانب الماء الذي تردينه ... مواعيد لا ينكرن لباً ولا خلفا

ومهزوزة للبان فيها شمائل ... جعلن له في كل قافية وصفا

لبسنا عليها بالثنية ليلة ... من السود لم يطو الصباح لها سجفا

لعمري إن طالت علينا فإننا ... بحكم الثريا قد قطفنا لها كفا

رمينا بها في الغرب وهي ذميمة ... ولم تبق للجوزاء عقداً ولا شنفا

كأن الدجى لما تولت نجومه ... مدبر حرب قد هزمنا له صفا

كأن عليه للمجرة روضة ... مفتحة الأنوار تنثره زغفا

كأنا وقد ألقى إلينا هلاله ... سلبناه جاماً أو قصمنا له وقفا

كأن السهى انسان عين غريقة ... من الدمع تبدو كلما ذرفت ذرفا

كان سهيلاً فارس عاين الوغي ... ففر ولم يشهد طراداً ولا زحفا

كأن سنا المريخ شعلة قابس ... تخطفها عجلان يقذفها قذفا

كأن أفول النسر طرف تعلقت ... به سنة ما هب منها ولا أغفى

كأن نصير الملك سل حسامه ... على الليل فانصاعت كواكبه كسفا

وإنما لقب الأديب المذكور صاحب الترجمة بالشامي لأن جده قدم من الشام على حضرة فاس فاشتهرت بنوه بالنسبة إلى الشام.. قال الشيخ أحمد المقري وهو ممن بلغتني وفاته بعد الثلاثين بعد الألف والله أعلم أبو عبد الله بن أحمد المكلاني الفاسي كاتب الدولة المنصورية وأمينها. ومثقف يراعها التي تسطو بها في السر يمينها. وله في الفضل محل ومقام. شهد بسمو مقدارهما من رحل وأقام. وأما الأدب فهو حامل رايته. وجهبذ روايته ودرايته. إن نثر فلق الدر وانفصمت أسلاكها. أو الدراري نثرتها أفلاكها. وإن نظم فقل في ثغور الخرد النعس. انتظمت ما بين اللثاة الحو والشفاه اللعس. ومن نظمه قوله في كتاب أزهار الرياض بأخبار عياض للشيخ أحمد المقري وقد رسم فيه مثال النعل الشريف بماء الذهب واللازورد فأخجل الرياض ذات البهار والورد قوله

أهذه أزهار هذي الرياض ... أم هذه غدرانها والحياض

سالت بماء التبر خلجانها ... على شواذ روان منها البياض

وأزرق الصبح بها إذ جرى ... تخاله نهراً على الطرس فاض

تمثال نعل المصطفى شكلها ... جعلت خدي تربها عن تراض

ففاخر الترب نجوم السما ... فالشهب من آفاقها في انقضاض

تحسده الزرقاء في لثمه ... فالبرق من أحشائها في انتماض

نبه كليم الوجد من شوقه ... فجفنه من وجده في اغتماض

وقل له بالله هذا طوى ... فاخلع وكن في ملة الشوق راض

وانتشق الأزهار من روضها ... واستشف منها بالعيون المراض

كم بات معتل الصبا بينها ... يروى أحاديث الشفا عن عياض

أيا إماماً جامعاً للعلى ... ومن غدت أبحاثه في افتياض

أبكار فكري بين أبوابكم ... تنزه الأحداق بين الرياض

إليكم قد رفعت أمرها ... فافض على الأبكار ما أنت قاض

قد بايعت بالحق سلطانكم ... توفية بالعهد دون انتقاض

وقال فيه أيضاً

أتى برياض في عياض وردها ... مظالم كانت قبل معضلة الداء

وفاضت بنيل العلم منه أصابع ... ومن عجب فيض الأصابع بالماء

خليلي هذي معجزات لأحمد ... فلا تنكرا إن رد عيناً إلى الراء

وقد ألم في هذا المعنى بقول أبي القاسم بن المالق في عياض

ظلموا عياضاً وهو يحلم عنهم ... والظلم ما بين الأنام قديم

جعلوا مكان الراء عيناً في اسمه ... كي يكتموه وإنه معلوم

لولاه ما فاضت أباطح سبتة ... والروض حول فنائها معدود

<<  <   >  >>