ومنه ما كتبه عن لسان مولانا الشريف المذكور أيضاً إلى سيدي الوالد مراجعاً ومعزياً له في والدته الشريفه المرحومة واتفقت وفاتها ليلة الاثنين لسبع عشرة خلون من جمادي الأولى سنة اثنين وستين وألف رحمها الله تعالى بعد إهداء سلام يتبخبر النسيم من عطره في غلاله. ويتعنبر كافور البطاح إذا جر عليه أذياله. إلى من تفرع من دوحة العظمة والجلاله. وترعرع في روضة سقاها المبدأ الفياض سلسبيل الفضل وسلساله. وتطلع في مرآة الزمان فرأى مثاله. ولم ير فيها أمثاله. فلا جرم لو كان العلم في الثريا لقال أناله فناله. ولا غرو إذا أقر الضد لسموه بقصوره عن أن يناله. كيف لا وهو الذي كسيت أعطافه حلة الشرفين فنشأت فيهما مختاله. وأضحى نسيب الطرفين أباً وعماً وأماً وخاله. وأحاطت بنير شهابه من ضياء العلوم هاله. وود البدر انهاله. السيد السند الأمجد الذي كمل الله كماله. الأمير نظام الدين أحمد. أدام الله إقباله. وبلغه من خيري الدنيا والآخرة آماله. وبعد فلا يخفاكم إن الله خلق النوع الانساني وقدر آجاله. ولم يجعل الخلد لبشر فليس البقاء والدوام الإله وجعل أعظم دليل يتاسى به المصاب وفاة خاتم النبوة والرساله. ولما كان ممن حان موافاة أجله وقدر الله انتقاله. الشريفة المدفونة قبل الترب في كرم الخلال صيلة وجلاله. الوالدة التي تفرعت من أزكي عنصر وتفرع منها أطي بسلاله. أجابت داعي الله وآثرت نزله ونواله. فأعظم الله لكم فيها الأجر وأفاض عليها سحائب غفرانه الهطاله. وأفرغ على فؤادكم ملابس الصبر وقضي لعمركم بالاطاله. وأدام لكم الصحة المشعر بها كتابكم الذي اشتمل من بديع البيان على سلافة وترك لسواه جرياً له. واحتوى على زلال المعاني وأبقى لما عداه الحثاله. ففهمنا مضمونه منطوقاً ودلاله. وسررنا بما احتوى عليه من كونكم تتفيؤن من روض الصحة والسرور ظلاله. وما ذكرتموه من وصول هديتنا إلى ناشر لواء العداله وحائز فضيلتي الكرم والبساله. ومقابلتها بالقبول من المهدي له. فذلك المأمول من مكارم أخلاقه أدام الله أفضاله. وعرفتم بوصول الحصان المرسل منا إليكم. فجعله الله مركوب المعزة التي لا تزال سابغة عليكم. وما أشرتم إليه من تشوقكم إلى المشاعر المكيه. والأباطح المسكيه. وتشوقكم للاجتماع بنا في تلك الأماكن الزكية. فالله تبارك وتعالى في حضرة قدسه. يختار للعبد ما لا يختاره لنفسه. ونرجو أن يختار لكم ما هو الأولى. في الآخرة والأولى. والسلام.
ومنه ما كتبه إلى الوالد أيضاً
يا نسيماً يفوق نسمة نجد ... طالما هجت لي غرامي ووجدي