أيام شرخ شبابي روضة أنف ... ما ريع منه بروع الشيب ريعاني
أيام غصي لدن من نصارته ... أصبو إلى غير جاراتي وحاراتي
ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام
لم يبق مني لمشتاق إذا ذكرا ... إلاّ لواعج وجد تبعث الفكرا
ولم يبق مني الشوق إلاّ تفكري ... فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرا
لم أكن على مفارقة الأحباب جلداً. فأقول وهي تجلدي. وإنما وهي جلدي. مما حملت النوائب على كتدي. فتتت صرفة البين المشتت من أفلاذ كبدي
جبرت من صرف دهري كل نائبة ... أمرذ من فرقة الأحباب لم أجد
فراقاً قضى أن لا تأسى بعد ما ... مضي منجداً صبري وأوغلت متهما
وفجعة بين مثل صرعة مالك ... ويقبح بي أن لا أكون متمما
خليلي إن لم تسعداني على البكا ... فلا أنتا مني ولا أنا منكما
وحسنتما لي سلوة وتناسيا ... ولم تذكرا كيف السبيل إليهما
آليت لا أفتح لسرور على قلبي المعنى باباً. ولا أعير طرفي قاصرات الطرف كواعب أتراباً. ولا أجيل نظري في رياض نضره. ولا أسرح فكري في الأخفار إلى حدائق خضره. ولا أحور إلى محاورة أنيس. ولا أحضر لمحاضرة جليس. ولو أنه الشيخ الرئيس. لأني لي أياماً من ذلك فعلت. وعلي أي واحد منهما لتنفيس الكرب عولت. تذكرت به عهد الأحبة فاعولت. وصدع الحنين والتذكار أعشار فؤادي فولولت. فما أطبى عيني مذ فارقتهم. شيء يروق الطرف من هذا الورى. إن كنت أبصرت لهم من بعدهم. مثلاً فأغضيت على وخز السفا. فعكفت همتي على مساورة الهموم. ومسامرة النجوم. والاتساء بشيخ كنعان. في اتخاذ بيت الاحزان. فحزني ما يعقوب بث أقله. وكل بلاء أيوب بعض بليتي. رحلت عن كعبة البطحاء والحرم. ونزلت بساحة قوم لا يدرون ما حماية الحرم. مثل من هو خارج من الأنوار إلى الظلم. ونقلت من جوار البيت وسدنته. إلى حيث خوار العجل وجوار عبدته. واستبدلت بالوقوف والركن والمقام. الفوف بين يدي عبدة الأصنام. وهجرت مهابط الوحي والتنزيل. ومتردد الروح الأمين جبريل. إلى مساقط أنداء الكفر والضلال. ومرابط الانعام والأفيال. وعوضت بالمشاعر الاسلامية حيث فرض الفروض والسنن. معتكف أقوام يجرون في رفض الفرائض على سنن. وبدلت بزمزم والحطيم. ومقام إبراهيم. زمزمة البراهمة على الحطيم. بديار لا تطيب إلا لمن خلع ربقة الاسلام من عنقه. ولا ينعم بها سو من أمعن في تخريده إلى ميادين الضلالة وعنقه. لا يصفو لي بها عيش. ولا التذ بالحياة في نعيم ولو أنه على ما يقال ايس وايش شعر
كيف يلتذ بالحياة معنى ... بين أحشائه كورى الزناد
في قري الهند جسمه والاصيحا ... ب حجازاً والقلب في أجياد
يقاسي من متاعب الوحدة كل محنة وشده. وايعاني من أهوال الغربة كل غمة وكربه شعر
فما غربة الانسان في شقة النوى ... ولكنها والله في عدم الشكل
وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي