تَرْتَعُ مَا رَتَعْتَ حَتَّى إِذَا ادَّكَرْتَ ... فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارُ
وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ «نُرْتِعُ» بِضَمِّ النُّونِ، جَعَلَهُ مِنْ «أَرْتَعَ يُرْتِعُ»، وَمَنْ كَسَرَ الْعَيْنَ جَعَلَهُ ارْتَعَيْتُ أَرْتَعِي ارْتِعَاءً، أَنْشَدَنِي ابْنُ دُرَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
إِذَا أَحَسَّ نَبْأَةً رِيعَ وَإِنْ ... تَطَامَنَتْ عَنْهُ تَمَادَى وَلَهَا
نُهَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَرُوعُنَا ... وَنَرْتَعِي فِي غَفْلَةٍ إِذَا انْقَضَى
نَحْنُ وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ كَمَنْ ... قَدْ قيل في السارب أخلى فارتعى
رَأَيْتُ غَزَالًا يَرْتَعِي وَسْطَ رَوْضَةٍ ... فَقُلْتُ أَرَى لَيْلَى تَلُسُّ بِهِ زَهْرَا
مَعْنَى تَلُسُّ، أَيْ: تَتَنَاوَلُ النَّبَاتَ بِفِيهَا، وَإِنَّمَا كَسَرَ نَافِعٌ الْعَيْنَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ: نَرْتَعِي وَنَلْعَبُ فَسَقَطَتِ الْيَاءُ لِلْجَزْمِ، وَإِنَّمَا انْجَزَمَ، لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ «أَرْسِلْهُ مَعَنَا نَرْتَعْ».
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالنُّونِ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو، وَقَرَأَ بِالْكَسْرِ مِثْلَ نَافِعٍ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ» بِالْيَاءِ جَمِيعًا وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ، وَالْعِلَّةُ فِيهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ}.
قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مَهْمُوزًا، وَهُوَ الْأَصْلُ، لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَذَأَّبَتِ الرِّيحُ: إِذَا أَتَتْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.
وَجَمْعُ الذِّئْبِ: أَذْؤُبٌ وَذِئَابٌ وَذُؤْبَانٌ، وَذُؤْبَانُ الْعَرَبُ: لُصُوصُهُمْ مُشَبَّهَةٌ بِالذِّئْبِ، لِأَنَّ الذِّئْبَ لِصٌّ، وَيُقَالُ: لِلِّصِّ: الطِّمْلُ، وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ: الطِّمْلُ، وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَةَ فَتَخْفِيفًا كَمَا تُرِكَتِ الْهَمْزَةُ مِنَ الْبِئْرِ، وَهَمَزَهَا آخَرُونَ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَبَاتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ وَيُسْهِرُهُ ... تَذَاؤُبُ الرِّيحِ وَالْوَسْوَاسُ وَالْهَضَبُ
يُشْئِزُهُ: يُقْلِقُهُ، وَالثَّأْدُ: النَّدَى، وَالْوَسْوَاسُ: الْحَرَكَةُ، وَالْهَضَبُ: الْأَمْطَارُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا بُشْرَى}.
قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ «بُشْرَى» جَعَلُوهُ اسْمَ رَجُلٍ.
قَالَ أبو عبيدة الِاخْتِيَارُ: «يَا بُشْرَى» لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ رَجُلٍ.
وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْبِشَارَةِ، وَرَدَّهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ، فَقَالَ: إِذَا جَعَلْتَهُ مِنَ الْبِشَارَةِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ تُضِيفَهُ إِلَى نَفْسِكَ كما تقول: «يا ويلتى أألد».