للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والباقون «مُخْلِصًا» بكسر اللَّامِ مثل: {مُخِلصِينَ لَه الدِّيْن} أيْ: أخلصَ هُوَ لله التّوحيد، فصارَ مُخْلِصًا.

وقولُه تَعَالَى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}.

روى هارون عَنْ أبي عَمْرو «هَلْ تَّعلَمُ» مدغمًا. وكذلِك حمزةُ والكِسَائيُّ يدغمان لقربِ اللَّامِ من التاء.

والباقون يظهرون؛ لأنهما من كلمتين ففرقوا بين المتصل والمنفصل.

فالمتصل «التَّابوت» والمنفصل «هَلْ تَّعْلَمُ» ومعنى قولُه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا: }

أَيسمى الوَلَدُ. وقيل: هل تَعلم في السُّهلِ والجَبَلِ والبَحرِ والمَشرِقِ والمَغْرِبِ أحدًا اسمه الله غير الله عَزَّ وجَلَّ.

وقولُه تَعَالَى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذين اتَّقَوا}.

قرأ الكسائي وحده: «ثم نُنْجِي» خفيفا من أنجى يُنجي.

والباقون «نُنَجيِّ» والأمر بينهما قريبٌ، نجي وأنجي مثل، كرم وأكرم، و «ثُمَّ» حرفُ نَسَق، لأنَّ الله تَعَالَى قَالَ: {وإن مِنْكُمْ إلَّا وارِدُهَا} فَما أحدٌ إلّا وهو يردُ النارَ تَحِلَّةَ القَسَمِ، الدَّليلُ عَلَى ذَلِكَ قولُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ نُنَجِّي الذِين اتَّقوَا وَنَذَرُ الظَّالمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}. وقال آخرون: لَيسَ يردُ الموحّد النارَ. واحتّجُّوا بما حدَّثني ابنُ مُجاهد. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حَنبل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي دَاود، عَنْ شُعْبَة، عَنْ عَبْد الله بْن السّائب، قَالَ: حَدَّثَني مَنْ سَمِعَ ابنَ عبَّاس يَقرأ: «وإنْ مِنْهُمْ إلّا وَارِدُهَا» يعني: مِنَ الكُفَّارِ. وكذلِكَ قرأها ابنُ كثيرٍ في روايةٍ، وعكرمة. وحدَّثني ابنُ مُجاهدٍ أيضًا، قَالَ: حَدَّثَني إسْمَاعيل بْن عَبْد الله بْن إسْمَاعيل، عَنْ أبي زَيدٍ في قَوله:

{وإنْ مِنْكُم إلّا وَارِدُهَا}. قَالَ: ورود المُسلمين المرور عَلَى الجِسرِ، وورود الكافرين الدُّخولُ.

قَالَ ابنُ مُجاهدٍ: وحدَّثني فَضلٌ الوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ عليّ بْن نصرٍ، عَنْ مطرفٍ النَّهديّ، عَنْ ابن كثير «وإنْ مِنْهُمْ إلَّا وَارِدُهَا» فإنّ سألَ سائلٌُ ما معنى قولُه: {ثُمَّ نُنَجِّى}؟ فَقُل: احتجت هذه الطّائفة بقراءة ابن عبَّاس وعاصمٍ الحَجْدَرِيّ وابنِ أبي لَيلى ويَعقوب الحَضرمِي «ثَمَّ» بفتح الثاءِ أي: هُنالك، وليس في القرآن ما يكون حرفًا واسمًا إلا هذا، وقولُه: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} و «من بعثنا من

<<  <   >  >>