صالح الحديث، فيُكتَب ويُنظَر فيه. ولألفاظ التَّجريح مراتب أيضًا، أدناها: ليِّن الحديث، يُكتَب ويُنظَر فيه اعتبارًا. ثانيها: ليس بقويٍّ، وليس بذاك. ثالثها: مقارب الحديث، أي: رديئه رابعها: متروك الحديث لا يُكتَب، وكذَّابٌ، ووضَّاعٌ، ودجَّالٌ، وواهٍ، وواهٍ بِمَرَّةٍ؛ بموحَّدةٍ مكسورةٍ فميمٍ مفتوحةٍ وراءٍ مُشَدَّدةٍ، أي: قولًا واحدًا لا تردُّد فيه، فهؤلاء ساقطون لا يُكتَب عنهم.
تغير بآخرة). انتهى.
وقالوا: معنى (إلى الصدق ما هو)؛ أي: هو قريب إلى الصدق، فما زائدة والجار والمجرور متعلقٌ بـ (قريب) مقدرًا.
قال شيخ الإسلام: وفي هذه المرتبة مَن رُمي بنوع بدعةٍ كالتَّشيع والقدر والإرجاء فيُكتب حديث جميع هؤلاء للاعتبار؛ أي: النظر فيه.
قوله: (صَالِحُ الْحَدِيْثِ) زاد العراقي في هذه أيضًا: (صدوق إن شاء الله) (أرجو أن لا بأس به) (صويلح) وزاد شيخ الإسلام: (مقبول).
قوله: (وَيُنْظَرُ فِيْهِ) الحاصلُ حسبما يظهرُ من صنيعهم أنَّ الثلاث مراتب الأولى من السِّت التي ذكرناها يُكتب حديثهم من غير نظرٍ، والثلاث الأخر يكتب حديثهم للنظر، وإن كان بعضها في كلٍّ أعلى من بعض.
قوله: (وَلِأَلْفَاظِ التَّجْرِيْحِ) بالجيم قبل الراء وبالمهملة آخره.
وقوله: (مَرَاتِبُ) عَدَّهَا أربعةً وهي أكثرُ كما سترى.
قوله: (أَدْنَاهَا)؛ أي: أَقَلُّها بحيث يقرب من التعديل.
قوله: (لَيِّنُ الحَدِيْثِ) قال حمزة بن يوسف السَّهمي: قلت للدَّارَقُطْنِي إذا قلت: (فلان لين الحديث) أي شيء تريد؟ فقال: إذا قلت: لينُ الحديث، لم يكن ساقطًا متروك الحديث، ولكن مجروحًا بشيء لا يسقط عن العدالة.
قال العراقي: ومن هذه المرتبة قولهم: (فيه مقال) و (ليس بالمتين) و (ليس بحجة) و (ليس بعمدة) و (ليس بمرضي) و (فيه خُلْفٌ)، و (تكلموا فيه) و (طعنوا فيه) و (سيِّئ الحفظ) و (مطعون فيه) و (تَعْرِفُ وتُنْكِر) و (للضعف ما هو). انتهى.
ومعنى: (تَعْرِفُ وتُنْكِر)؛ أي: يأتي مرةً بالمشاهير المعروفة ومرة بالمناكير، ومعنى: (للضعف ما هو)؛ أي: هو قريبٌ للضعف كما سبق في (للصدق ما هو).
قوله: (وَيُنْظَرُ)؛ أي: فيه.
قوله: (ثَانِيْهَا: لَيْسَ بِقَوِيٍّ)؛ أي: فهي أشدُّ في الضعف من الأولى، ويكتب حديثها للاعتبار أيضًا، لكن عدَّ الشارح (ليس بذاك) و (ليس بذلك) منها، بلْ هي من المرتبة الأولى أعني (لين الحديث) كما في «التقريب» و «شرحه» وعبارته: (ليس بذلك) (ليس بذاك) أو (في حديثه ضعفٌ) هذه من مرتبةِ لينِ الحديث وهي الأولى. انتهى.
قوله: (ثَالِثُهَا: مُقَاربُ الحَدِيْثِ)؛ أي: رديئه، ما جرى عليه الشارح من أنَّ ذلك جرحٌ، تبع فيه ابن السيد، لكنه ذكر أنَّه إنَّما يكون جرحًا إذا كان بفتح الراء، أما بكسرها فهو تعديل.
قال العراقي: وليس ذلك بصحيح بل الفتح والكسر معروفان حكاهما ابن العربي في «شرح الترمذي»، قال: وهما على كل حالٍ من ألفاظ التعديل، وممَّن ذكر ذلك الذهبي قال: وكأنَّ قائل ذلك فَهِمَ من فتح الراء أنَّ الشيء المقارَب هو الرديء، وهذا من كلام العوام وليس معروفًا في اللغة، وإنَّما هو على الوجهين من قوله ﷺ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا» فَمَنْ كَسَرَ قال: إنَّ معناه حديثه مقارِبٌ لحديث غيره، ومن فَتَحَ قال معناه: أنَّ حديثه يقاربه حديث غيره، ومادة (فاعل) تقتضي المشاركة. انتهى.
والظاهر أنَّها في رتبة (للصدق ما هو) وبه تعلم ما في كلام الشارح لو أبدل ذلك بقوله: (ضعيف الحديث) كما جعلها غيره مرتبة ثالثة كان أولى، قال في «التقريب»: وإذا قالوا: ضعيف الحديث فدون (ليس بقوي)، ولا يُطرح بل يُعتبر به أيضًا، قال القسطلاني: وهذه مرتبة ثالثةٌ، ومن هذه المرتبة فيما ذكره العراقي (ضعيفٌ) فقط، (منكر الحديث)، (حديثه منكر)، (واه)، (ضعَّفوه). انتهى.
ومن هذه المرتبة أيضًا: (مجهول الحديث)، (مضطربه)، (لا يحتج به).
قوله: (رَابِعُهَا: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ) قال أحمد بن صالح: لا يقال: فلان متروك الحديث إلَّا أن يُجمع الجميع على تركه. انتهى.
وفي عَدِّ الشارح هذه مرتبة رابعة نظرٌ، بل هي خامسة، وقبلها مرتبة هي الرابعة حقيقة كما في «شرح التقريب» وغيره وهي قولهم: (رُدَّ حديثه) أو (رَدُّوا حديثه) أو (مردودُ الحديث) أو (ضعيفٌ جدًّا) أو (طرحوا حديثه) أو (مطروح الحديث) أو (ارم به) أو (ليس بشيء) أو (لا يساوي شيئًا)، ومنها ما ذكره الشارح من قولهم: (واهٍ) و (واهٍ بمرةٍ)، وما عَدَّهُ في أول هذه المرتبة؛ أعني: ما جعلها رابعة من قوله: (متروك الحديث) ليس منها، بل هو من مرتبة أنزل منها وهي الخامسة.
ومن ألفاظها؛ -أي: تلك الخامسة- قولهم: (متروك) و (تركوه) و (ذاهب) أو (ذاهب الحديث) و (ساقط) و (هالك) و (فيه نظرٌ) و (سكتوا عنه) و (لا يعتبر به) و (لا يعتبر بحديثه) و (ليس بالثقة) و (غير ثقة) و (ليس بمأمون) و (مُتهم بالكذب أو بالوضع).
وقول الشارح أيضًا: (كذَّاب) و (وضَّاع) مرتبة سادسة لا من الرابعة، ومن ألفاظها أيضًا: (مثله يكذب) فجملة المراتب ستُّ مراتبٍ على الوجه الذي سُقناه كما يؤخذ من «شرح التقريب» والملخص، ففيما ذكره الشارح من ترتيبها وسرد كلماتها نظر.
قوله: (وَهَؤُلَاْءِ … لَاْ يُكْتَبُ عَنْهُم)؛ أي: ولا يُعتبر بهم ولا يُستشهد، وظاهرُ صنيع الشارح أنَّ اسم الإشارة راجعٌ لما عدا المرتبة الأولى، وليس كذلك، بل للمرتبة الرابعة على ما فيها مما وضحَ لك من أنَّه رَكَّبَ هذه المرتبة من ثلاث