إليه.
والمؤنَّن: قول الرَّاوي: حدَّثنا فلانٌ أنَّ فلانًا قال، وهو كـ «عن» في اللِّقاء والمجالسة والسَّماع، مع السَّلامة من التَّدليس.
والمعلَّق: ما حُذِف من أوَّل إسناده لا وسطه، مأخوذٌ من تعليق الجدار؛ لقطع اتِّصاله،
وسبق، ويأتي حكمه -إن شاء الله تعالى- في الفصل التَّالي بعون الله ﷾.
والمدلَّس -بفتح اللَّام
فهذا لا يُمكن أن يكونَ أبو إسحاق سمعه من ابن خباب كما هو ظاهر العبارة؛ لأنَّه هو المقتول، قال السيوطي: السماع إنَّما يعتبر في القول، أما الفعل فالمُعتبر فيه المشاهدة وهذا واضح.
الثانية: قال في «التقريب»: وكَثُرَ في هذه الأعصار استعمال (عن) في الإجازة، فإذا قال أحدهم مثلًا: قرأت على فلان عن فلان، فَمُرَادهُ أنَّه رواه عنه بالإجازة. انتهى.
قال في «التدريب»: وذلك لا يخرجه عن الاتصال. انتهى.
قوله: (وَالمُؤَنَّنُ) بميم مضمومة فهمزة مفتوحة فنونان أولهما مفتوحة مشدَّدة.
قوله: (قَوْلُ الرَّاوِي … ) إلى آخره؛ أي: كقول مالك مثلًا: حدَّثنا الزهري أنَّ ابن المسيب حدَّثه بكذا، ومثل ذلك ما لو قال الزُّهري: قال ابن المسيب كذا أو فعل كذا أو كان ابن المسيب يفعل كذا ونحوه.
قوله: (وَهُوَ كَـ «عَنْ» … ) إلى آخره؛ أي: إنَّ لفظَ (أن) المُستفاد من المؤنن كَـ «عَنْ» في إفادة الاتصال أو المعنى، وهو؛ -أي: المؤنن- كـ «عَنْ»؛ -أي: كالمروي بعن- فيما ذُكر.
فالرواية بـ (عن) و (أنَّ) سواء، ولا اعتبار بالحروف والألفاظ، بل باللقاء والمجالسة والسماع مع السلامة من التدليس، وهذا مذهب مالك والجمهور، فالمؤنن عندهم متصل كالمعنعن، وقال البَرْدَعِيُّ: المروي بلفظ أن محمول على الانقطاع حتى يتبينَ وصلُ سندهِ بالسماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى، وهو مذهب الإمام أحمد، قال ابن عبد البر: ولا معنى لهذا؛ لإجماعهم على أنَّ الإسناد هو المتصل بالصحابي سواءٌ قيل فيه (قال) أو (سمعت) أو (أنَّ) أو (عن). انتهى.
قوله: (فِيْ اللِّقَاءِ)؛ أي: في اشتراطه.
وقوله: (والمجالسة)؛ أي: عند مَن شرطها، وهو خلافُ المعتمد الذي مشى هو عليه، قال العراقي: والقاعدة أنَّ الراوي إذا روى حديثًا في قصةٍ أو واقعة فإن كان أدرك ما رواه بأن حكى قصة وقعت بين النَّبيِّ ﷺ وبين بعض الصحابة، والرَّاوي لذلك صحابي أدرك تلك الواقعة، فإنَّه يُحكم لروايته بالاتصال وإنْ لم يُعلم أنَّه شاهدها، سواء روى بـ (قال) أو (عن) أو (أنَّ) أو (فعل) أو نحوها، ومن لم يُدرك تلك الواقعة فهو مرسل صحابي، وإن كان الراوي تابعيًا فهو منقطع، وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها فمتصلٌ، وكذا إن لم يدرك لكن أسندها لمن رواها عنه سواء روى بعن أو غيرها، قال: وهذا متفق عليه بين أهل التمييز من أهل الحديث. انتهى.
قوله: (مَا حُذِفَ مِنْ أَوَّلِ إِسْنَادِهِ) كذا في نسختنا فإن لم يكنْ تحريفًا من النساخ فالأصل: ما حذف منه … إلى آخره، بالضمير المجرور بمن، وإلَّا فـ (من) زائدة، والمراد بأول الإسناد طرفه الذي ليس فيه الصحابي سواء كان ذلك المحذوف واحدًا أو أكثر أو جميع الرواة ولو مع الصحابي، وعُزِيَ الحديثُ لمن فوق المحذوف.
مثال ما حُذف من أوله واحدٌ قول البخاري: وقال مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ ﷺ: «لَاْ تُفَاضِلُوْا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ»، فإن البخاري بينه وبين مالك واحد.
ومثال ما حُذف منه غير الصحابي قول البخاري: وقالت عائشة ﵂: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ».
ومثال ما حُذف منه جميع الرواة قول البخاري: «وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ للنَّبيِّ ﷺ: مُرْنَا بِجُمَلٍ من الْأَمْرِ إن عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ … » الحديثَ.
ومنه قول الواحد منا: قال رسول الله ﷺ، أو: قال ابن عباس أو عطاء أو غيره.
قوله: (لا وَسَطِهِ … ) إلى آخره؛ أي: لا ما حذف وسط إسناده فلم يستعملوه في ذلك؛ لأنَّ له اسمًا يخصُّه من الانقطاع والإرسال والإعضال، فبَين المُعَلَّقِ وكلٍّ من المعضل والمنقطع والمرسل وكذا الموقوف عمومٌ وخصوص وجهي كذا قال بعضهم، وتَقدَّم أن شرط المُعْضل أن يكون المحذوف منه من الوسط لا الأول فلا وجه له إلَّا الإطلاق.
قوله: (مَأْخُوْذٌ مِنْ تَعْلِيْقِ الْجِدَارِ) وقيل: من تعليق الطلاق بجامعِ قطع الاتصال.
قوله: (وَسَبَقَ وَيَأْتِي حُكْمُهُ) ما سبق هو قوله عند الكلام على الصحيح: (وهو في صحيح البخاري، ويكون مرفوعًا، أو موقوفًا، يأتي البحث فيه إن شاء الله في الفصل التالي).
وحُكمه حكم الصحيح إذا وقع في كتاب التزمتْ صحتُه، ورُوي: بصيغة الجزم كقال وفعل وأمر ونهى وذكر وحُكيَ بصيغة اسم الفاعل، لا بصيغة التمريض كرُوِيَ أو يُقْالُ أو يُحْكَى أو نحو ذلك بصيغة المبني للمفعول.
قوله: (وَالمُدَلَّس) بفتح اللام المشددة مشتقٌ من الدَّلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام، ويُطلق أيضًا على الظلمة، سُمي الحديث المذكور بذلك لاشتراكهما في الخفاء؛ لأنَّ الظُلمة تغطي الأشياء عن البصر وتخفيها عنه، ومن أسقط من السند شيئًا فقد غطى ذلك الذي أسقطه؛ أي: أخفاه وستره، وكذا تدليس الشيوخ على ما سيأتي، فإنَّ الراوي يُغطي الوصف الذي يُعرف به الشيخ ويغطي الشيخ بوصفه بغير ما اشتهر به.