للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلخ … أدرج فيه أبو خَيْثَمَة زهير بن معاوية أحدُ رواته عن الحسن بن الحرِّ هنا كلامًا لابن مسعود، وهو: «فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد».

والعالي خمسةٌ: المطلق؛ وهو القرب من رسول الله بعددٍ قليلٍ، بالنِّسبة إلى سندٍ آخرَ يَرِدُ بذلك الحديث بعينه بعددٍ كثيرٍ، أو بالنِّسبة لمطلق الأسانيد.

والقرب من إمامٍ من أئمَّة الحديث ذي صفةٍ عاليةٍ؛ كالحفظ والضَّبط، كمالكٍ والشَّافعيِّ،

والقرب بالنِّسبة لرواية الشَّيخين وأصحاب السنن.

والعلوُّ بتقدُّم وفاة الرَّاوي، سواء كان سماعه مع متأخِّر الوفاة في آنٍ واحدٍ أو قبله.

والعلوُّ بتقدُّم السَّماع، فَمَنْ تقدَّم سماعه من شيخٍ أعلى ممَّن سمع من ذلك الشَّيخ نفسه بعده.

والنَّازل؛ كالعالي

ما يُدرجه الراوي المجتهد قياسًا على المذكور؛ كما تقدَّم في حديث: «مَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ … » إلى آخره، فإنَّه وإن لم يصادف الحق ففضلًا عن كونه لا يُعاقب به، له فيه أجرٌ، فلينظر.

قوله: (أَبُوْ خَيْثَمَةَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة التحتية وفتح المثلثة، وقوله: (زُهَيْر) بدلٌ منه.

قوله: (ابْنُ الحُرِّ) بضم الحاء المهملة آخره راء مشددة.

قوله: (وَالْعَالِي)؛ أي: الحديث العالي، وعُلو الحديث بعلو سنده، وطلب العلو في السند؛ قال الإمام أحمد: سُنَّةٌ عَمَّن سلف؛ لأنَّ أصحاب عبد الله كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلمون

من عمر ويسمعون منه، قال الطوسي: قُرب الإسناد قربةٌ إلى الله تعالى، فأصلُ الإسناد سنة مؤكدة والعلو فيه سنةٌ أخرى، ولولا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء، كما قال ابن المبارك، وهو سلاحُ المؤمن، كما قاله الثوري.

فائدة: قال ابن حزم: نقلُ الثقة عن الثقة يبلغُ به النَّبيَّ مع الاتصال فضيلة خصَّ الله بها هذه الأمة دون سائر الملل، وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود، ولكن لا يقربون من موسى قُربنا من محمد ، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرًا، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلَّا تحريم الطلاق فقط، أما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنصارى، قال: وأما أقوال الصحابة والتابعين فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلًا ولا تابع له، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص.

وقال أبو علي الجبائي: خصَّ الله هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يُعطها مَنْ قَبْلها: الإسناد والانتساب والإعراب، ومن أدلة ذلك ما رواه الحاكم في قوله تعالى: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأحقاف: ٤] قال: إِسْنَادُ الْحَدِيْثِ. انتهى.

قوله: (المُطْلَق)؛ أي: الذي لم يُقيدْ بإمامٍ أو كتابٍ، وهو أجلُّ الأنواعِ.

قوله: (بِعَدَدٍ قَلِيْلٍ)؛ أي: مع كونه نظيفًا صحيحًا، أما إذا كان مع ضعفٍ فلا التفات إلى عُلوه سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممَّن ادعى سماعًا من الصحابة، مثل خِراش ونُعيم بن سالم.

قلت: وقد وقع لي من هذا النوع الحديث المسلسل بالمُصافحة، فكان بيني وبين الرسول فيه أربعة فقط، فحدَّثني به الشيخ الأجل السيد عمر بن سودة المهدي التاودي المغربي وهو مصافحٌ لي بملاصقة إبهام يده اليمنى لإبهام يدي وجعل السبابة والوسطى من يده بجانب إبهام يدي والخنصر والبنصر منه عند خنصري وبنصري والمعصم بين ذلك، قال: حدثني سيدي محمد السنوسي وهو مصافحٌ لي كذلك: حدَّثني سيدي محمد بن إدريس وهو مصافحٌ لي: حدَّثني الإمام الأكبر محيي الدين بن العربي وهو مصافح لي: حدثني رسول الله وهو مصافح لي قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيْ وَلِأَخِيْ هَذَا وَأَدْخِلْنَا فِيْ رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ».

قال شيخنا المذكور: وكلا روايتي ابن إدريس عن ابن العربي وابن العربي عنه بلا واسطة بطريق خَرْقِ العَادَةِ إذ لم يلتق ابن إدريس مع ابن العربي، ولا ابن العربي مع رسول الله ، قال: ولا ضير في مثل ما يُؤخذ من ذلك بهذه الطرق للتَّبرك سيما من مقام الصديقية، وبهذا تجوز رواية الحديث عند أهل الصديقية من باب قوله لَمَّا أَخْبَرَ بِتَكَلُّم البَقَرَةِ وَالذِّئْبِ وحديثهما في الصحيح، «وقال الناس: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ وذِئْبٌ يَتَكَلَّمَانِ، قال: آمَنْتُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرُ». انتهى.

قوله: (يَرِدُ)؛ أي: يُرْوَى.

وقوله: (بِذَلِكَ الْحَدِيْثِ)؛ أي: لهُ.

قوله: (كَالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ)؛ أي: ونحوهما من الصفات المقتضيات للترجيح.

قوله: (كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ)؛ أي: والبخاري ومسلم ونحوهم مع الصحة أيضًا، وإن كَثُرَ العددُ إلى رسول الله فهو علوٌّ نسبي مُقيَّد بإمامٍ ممَّن ذكر.

قوله: (لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ)؛ أي: ونحوهما، والمرادُ رواية كتب أولئك المعتمدة وهي الكتب الستة، وهو علوٌّ نسبي أيضًا، إذ الراوي لو روى حديثًا من غير طريق كتاب منها كـ «جزء ابن عرفة» وقعَ أنزل ممَّا رواه من طريقِ كتابٍ منها كالترمذي.

قوله: (بِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الرَّاوِي)؛ أي: وإن تساويا في العدد فما يُروى عن ثلاثة، عن البيهقي مثلًا، عن الحاكم أعلى مما يُروى عن ثلاثة، عن أبي بكر بن خلف، عن الحاكم لتقدم وفاة البيهقي على ابن خلف، قال النووي: وأما عُلوه بتقدم وفاة شيخك لا مع التفاتٍ لشيخٍ آخر أو أمرٍ آخرَ فحدَّهُ ابن عُمير بِمُضي خمسينَ سنة تمضي من وفاة الشيخ وحدَّهُ ابنُ منده بمضيِّ ثلاثينَ.

قوله: (بِتَقَدُّمِ السَّمَاعِ) يدخلُ من هذا القسم كثيرٌ فيما قبله وبمنازعته بأن يسمعَ شخصان من شيخٍ وسماعُ أحدهما من ستينَ سنةً

<<  <   >  >>