للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مكانه» [خ¦٨٤٨] ولم يصحَّ، وهو حديثٌ أخرجه أبو داود من طريق ليث بن أبي سُليمٍ عن الحجَّاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة، وليث بن أبي سليمٍ ضعيفٌ، وشيخ شيخه لا يُعرَف، وقد اختُلِف عليه فيه.

فهذا حكم جميع ما في «البخاريِّ» من التَّعاليق المرفوعة بصيغتي الجزم والتَّمريض.

وأمَّا الموقوفات؛ فإنَّه يجزم فيها بما صحَّ عنده، ولو لم يكن على شرطه، ولا يجزم بما كان في إسناده ضعفٌ أو انقطاعٌ إلَّا حيث يكون منجبرًا، إمَّا بمجيئه من وجهٍ آخر، وإمَّا بشهرته عمَّن قاله، وإنَّما يورد ما يورد من الموقوفات من فتاوى الصَّحابة والتَّابعين، وكتفاسيرهم لكثيرٍ من الآيات على طريق الاستئناس، والتَّقوية لما يختاره من المذاهب

في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمَّة، فحينئذٍ ينبغي أن يُقال: جميع ما يورده فيه: إمَّا أن يكون ممَّا ترجم به، أو ممَّا تُرجِم له، فالمقصود في هذا التَّأليف بالذَّات هو الأحاديث الصَّحيحة، وهي التي تُرجِم لها، والمذكور بالعرض والتَّبع الآثار الموقوفة والآثار المعلَّقة، نعم، والآيات المكرَّمة، فجميع ذلك مترجمٌ به، إلَّا أنَّه إذا اعتُبِرت بعضها مع بعض، واعتُبِرت أيضًا بالنِّسبة إلى الحديث، يكون بعضها مع بعضٍ منها مفسِّرٌ ومفسَّرٌ، ويكون بعضها كالمُترجَم له باعتبارٍ، ولكن المقصود بالذَّات هو الأصل، فقد ظهر أنَّ موضوعه إنَّما هو للمسندات، والمعلَّق ليس بمسندٍ؛ ولذا لم يتعرَّض الدَّارقطنيُّ فيما تتبَّعه على «الصَّحيحين» إلى الأحاديث المعلَّقات؛ لعلمه بأنَّها ليست من موضوع الكتاب، وإنَّما ذكرت استئناسًا واستشهادًا. انتهى. من «مقدِّمة فتح الباري» بحروفه، وبالله تعالى التَّوفيق والمستعان.

وأمَّا عدد أحاديث «الجامع»؛ فقال ابن الصَّلاح: سبعة آلافٍ ومئتان وخمسة وسبعون -بتأخير الموحَّدة عن السين فيهما- بالأحاديث المكرَّرة، وتبعه النَّوويُّ وذكرها مُفصَّلةً، وساقها ناقلًا لها من كتاب «جواب المتعنِّت» لأبي الفضل بن طاهرٍ، وتعقَّب ذلك الحافظ أبو الفضل ابن حجرٍ رحمه الله تعالى بابًا بابًا محرِّرًا ذلك، وحاصله أنَّه قال: جميع أحاديثه بالمكرَّر سوى المعلَّقات والمتابعات على ما حرَّرته وأتقنته سبعة آلافٍ -بالموحَّدة بعد السِّين- وثلاث مئةٍ وسبعةٌ وتسعون حديثًا، فقد زاد على ما ذكروه مئةَ حديثٍ واثنين وعشرين حديثًا، والخالص من ذلك بلا تكرارٍ ألفا حديثٍ وستُّ مئةٍ وحديثان، وإذا ضمَّ له المتون المعلَّقة المرفوعة التي لم يوصلها في موضعٍ آخر منه، وهي مئةٌ وتسعةٌ وخمسون؛ صار مجموع الخالص ألفي حديثٍ وسبع مئةٍ وإحدى وستِّين حديثًا. وجملة ما فيه من التَّعاليق ألفٌ وثلاثة مئةٍ وأحدٌ وأربعون حديثًا، وأكثرها مكرَّرٌ مخرَّجٌ في الكتاب أصول متونه، وليس فيه من المتون التي لم تخرَّج في الكتاب -ولو من طريقٍ أخرى- إلَّا مئةٌ وستُّون حديثًا، وجملة ما فيه من المتابعات والتَّنبيه على اختلاف الرِّوايات ثلاث مئةٍ وأربعةٌ وأربعون حديثًا، فجملة ما في الكتاب على هذا بالمكرَّر تسعة آلافٍ واثنان وثمانون حديثًا، خارجًا عن الموقوفات على الصَّحابة، والمقطوعات على التَّابعين، فمن بعدهم.

وأمَّا عدد كتبه فقال في «الكواكب»: إنَّها مئةٌ وشيءٌ، وأبوابه ثلاثة آلافٍ وأربع مئةٍ وخمسون بابًا، مع اختلافٍ قليلٍ في نسخ الأصول.

وعدد مشايخه

قوله: (بِصِيْغَتَيِ الجَزْمِ وَالتَّمْرِيْضِ) في «المقدمة الفتحية» بعد ذلك ما نصه: وهاتان الصيغتان قد نقلَ النووي اتفاقَ محققي المحدثين وغيرهم على اعتبارهما، وأنَّه لا ينبغي الجزم بشيء ضعيف؛ لأنَّها صيغة تقتضي صحته عن المضاف إليه، ولا ينبغي أن يُطلقا إلَّا فيما صحَّ، قال: وقد أهملَ ذلكَ كثيرٌ من المُصنفين من الفقهاء وغيرهم واشتدَّ إنكارُ البيهقي على مَن خالف ذلك، وهو تساهلٌ قبيحٌ جدًا من فاعله أن يقول في الصحيح: (يذكر، ويُرْوَى) وفي الضعيف: (قال، وروى) وهذا قلبٌ للمعاني وَحَيْدٌ عن الصوابِ، قال: وقد اعتنى البخاري باعتبار هاتين الصيغتين فأعطاهما حكمهما في صحيحه؛ فيقول في الترجمة الواحدة بعض كلامه بتمريضٍ وبعضه بجزم مُراعيًا ما ذكرنا، وهذا مُشعر بتحرِّيهِ وورعه، وعلى هذا فيحمل قوله: (ما أدخلت في الجامع إلَّا ما صح)؛ أي: مما سُقت إسناده. انتهى كلامه.

قال: وقد تبيَّنَ ممَّا فصلنا به أقسام تعاليقه أنَّه لا يفتقرُ إلى هذا الحمل، وأن جميع ما فيه صحيحٌ باعتبار أنَّه كله مقبولٌ ليس فيه ما يردُّ مُطلقًا. انتهى.

قوله: (بِحُرُوْفِهِ)؛ أي: في الغالبِ.

قوله: (وَأَمَّا عَدَدُ أَحادِيْثِ الجامِعِ)؛ أي: الذي هو «صحيح البخاري»، والمراد من الأحاديث المُسندة، كما ذكره النووي.

قوله: (بِالأَحَادِيْثِ المُكَرَّرَةِ) وأما بدونها فأربعة آلاف، كما في «شرح التقريب».

وفيه قال العراقي: هذا مُسَلَّمٌ في رواية الفرَبْريِّ، وأما رواية حمَّاد بن شاكر فهي دونَ رواية الفرَبْريِّ بمئتي حديث، ورواية إبراهيم بن معقل دونها بثلاثمئة.

قال شيخ الإسلام: وهذا قالوه تقليد للحمُّويي، فإنَّه كتب البخاري عنه، وعدَّ كلَّ بابٍ منهُ ثم جمعَ الجُمْلَةَ، وقَلَّدَهُ كلُّ من جاءَ بعده؛ نظرًا إلى أنَّه راوي الكتاب وله به العنايةُ التامة.

قال: ولقد عَدَدْتُهَا وحَرَّرْتُهَا فبلغتْ بالمكررة سوى المُعلقات والمتابعات سبعةَ آلاف وثلاثمئة وسبعة وتسعين حديثًا، وبدون المكررة ألفين وخمسمئة وثلاثة عشر حديثًا، وفيه من التعاليق ألف وثلاثمئة وأحد وأربعون، وأكثرها مُخرَّج في أصول متونه، والذي لم يُخرجه مئة وستون.

وفيه من المتابعات والتنبيه على اختلاف الروايات ثلاثمئة وأربعة وثمانون، هكذا وقع في شرح البخاري، ونُقل عنه ما يخالف هذا يسيرًا. انتهى.

وفيه مخالفةٌ لما ذكره الشارح عن تحرير الحافظ ابن حجر في عدِّ غيرِ المُكرر، وقد اشتملَ كتابه وكتاب مسلم على ألف ومئتي حديث من الأحكام؛ روت عائشة من جملتها مئتين ونيفًا وسبعين فحُمِل عنها ربع الشريعة.

ومن الغرائب ما نقل عن البخاري أنَّه صَنَّفَ كتابًا أورد فيه مئة ألف حديثٍ صحيح. ذكره العيني.

فائدة: ذكر مَنْلَا عَلِي القَاري في «شرحه للشفاء» أنَّ الحَمُّويي بفتح المهملة وضم الميم المشددة وكسر الواو آخره ياء، نسبةً إلى جده حَمُّوِيه: وهو عبد الله بن محمد بن حمويه السَّرَخْسِي، قال: توفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمئة.

قوله: (فِيْ الكَوَاكِبِ)؛ أي: الدراري، اسم شرح على الكتاب للكرماني.

قوله: (وَأَبْوَابُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ … ) إلى آخره، فصَّلها

<<  <   >  >>