حذرًا من شرهم، وتحجيمًا لانتشار بدعهم، وكسرًا لنفوسهم حتى تضعف عن نشر البدع، ولأن في معاشرة السني للمبتدع تزكية له لدى المبتدئ والعامي، والعامي: مشتق من العمى، فهو بيد من يقوده غالبًا (١).
ونرى في كتب المصطلح، وآداب الطالب، وأحكام الجرح والتعديل: الأخبار في هذا.
(١) قوله: "حذرًا من شرهم": أي: الفائدة من هجر أهل البدع هي:
أولًا: لئلا يقع في نفسك شيء من بدعهم، بدون أن تشعر.
وثانيًا: تحجيم لانتشار بدعهم؛ لأن الناس إذا رفعوا شأن المبتدع بدءوا يأخذون منه في بقية العلوم، فانتشرت البدع التي لديهم.
ثالثًا: كسر لنفوسهم، بحيث لا يصبح لهم مكانة ولا منزلة، فمن ثم لا يتمكنون من نشر البدع.
ورابعًا: هرب من تزكية المبتدعة خصوصًا عند المبتدئين.
(٢) قوله: "كن سلفيًّا على الجادة، واحذر المبتدعة أن يفتنوك؛ فإنهم يوظفون بالاقتناص والمخاتلة سبلًا"، فالمبتدعة يريدون أخذ طلاب العلم، وإبعادهم عن طريق السلف، وبالتالي قد تجد عندهم كلامًا طيبًا لينًا سهلًا؛ من أجل اقتناص الطلاب.
(٣) قوله: "وهو عسل مقلوب"، يعني لَسْع كلامه عسل في الظاهر، لكن في حقيقته مقلوب عسل، يعني لسع، وقد يظهرون لك هطول الدمعة وحسن الثياب والإغراء بالكلام البلاغي، وقد ينقلون روايات عن الكرامات ونحو ذلك، فلا تغتر بهؤلاء.