للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأرجو أن يكون هذا التَّقييد فاتحة خير في التنبيه على إحياء هذه المادة التي تهذب الطالب، وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم، وأدبه نفسه، ومع مدرِّسه، ودرسه، وزميله، وكتابه، وثمرة علمه، وهكذا في مراحل حياته.

فإليك حلية (١) تحوي مجموعة آداب، نواقضها (٢) مجموعة آفات (٣)، فإذا فات أدب منها اقترف المفرط آفة من آفاته، فمقل ومستكثر (٤)، وكما أن هذه الآداب درجات صاعدة إلى السنة فالوجوب، فنواقضها دركات هابطة إلى الكراهة فالتحريم.

ومنها ما يشمل عموم الخلق من كل مكلف، ومنها ما يختص به طالب العلم، ومنها ما يدرك بضرورة الشرع، ومنها ما يُعرف بالطَّبع، ويدل عليه عموم الشرع من الحمل على محاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، ولم أعن

(١) ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق بتتابع الناس على تعلم آداب التعلم فقال: "فإليك حلية"، يعني أهدي إليك حلية.

(٢) قوله: "تحوي مجموعة آداب، نواقضها"، يعني: يضادها.

(٣) قوله: "مجموعة آفات" فأنت إذا عرفت هذه الآداب، عرفت ما يقابلها من الآفات.

(٤) قوله: "فإذا فات منها أدب، اقترف المفرط آفة من آفاته، فمقلٌّ ومُستكثر"، وبعض هذه الآداب مستحب، وبعضها واجب، وكذلك ما يقابلها من الآفات منها ما هو مكروه، ومنها ما هو محرم. ما المراد بالسنة؟ هو المستحب، والنفل والمندوب، الذي طلبه الشارع طلبًا غير جازم، يُؤجر صاحبُه ولا يُعاقب تاركُه، لكن لا ينبغي لطالب العلم أن يتركه؛ لأن طلبة العلم هم أعلى الأمة بعد الأنبياء والصحابة، ولذلك يشرع لهم أن يلتزموا هذه السنن، أما الواجب فهو ما طلبه الشارع طلبًا جازمًا، بحيث يؤجر فاعله متى فعله الله، ويُعاقب تاركُه، والمراد بالمكروه هو ما نهى عنه الشارع نهيًا غير جازم، بحيث يُؤجر تاركُه متى تركه لله، ولا يعاقب فاعله، وأما المحرَّم فهو ما نهى عنه الشارع نهيًا جازمًا، بحيث يأثم فاعله متي فعله قصدًا عمدًا، ويؤجر تاركه متى تركه الله.

<<  <   >  >>