للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - صديق فضيلة (١).

فالأولان منقطعان بانقطاع موجبهما، المنفعة في الأول واللذة في الثاني (٢).

وأما الثالث: فالتعويل عليه (٣)، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما (٤).

(١) قوله: "صديق فضيلة"، نوع ثالث، وهو الذي اجتمعت معه على اكتساب فضائل، سواء كانت تلك الفضائل فضائل عملية، كاجتماعهم على صوم أو صلاة أو اعتكاف في مسجد أو نحو ذلك، أو كانت فضائل علمية كطلب العلم عند شيخ أو عالم.

(٢) قوله: "فالأولان منقطعان .. "، أي: فالصديقان الأولان تنقطع صداقتهما بانقطاع موجب تلك الصداقة، الموجب - بكسر الجيم - هو السبب، بينما الموجَب - بفتح الجيم - هو الأثر، فإذا انقطعت المنفعة عند الأول انقطعت الصداقة، وإذا انقطعت اللذة عند الثاني انقطعت الصداقة، والصداقة فيهما ليست من أسباب الأجر والثواب.

(٣) قوله: "وأما الثالث فالتعويل عليه"، وبمجرد تلك الصداقة يحصل الأجر العظيم، وقد جاء في الحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم -: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه - يعني على الله محبة وإيمانًا ليعين بعضهما بعضا على طاعة الله - وتفرقا عليه) [١]، يعني لما جاءهما سبب التفرّق كانا على المحبة الإيمانية الأولى، وهذا التفرّق قد يكون بسفر، وقد يكون بموت، وقد يكون بسبب آخر من الأسباب.

(٤) قوله: "وهو الذي باعثُ صداقتهِ تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما"، السبب في هذه الصداقة: رغبة كل منهما أن يتبادلا في الخير، وأن يعين بعضهما بعضا في رسوخ الفضائل، وقد جاء في الحديث أن النبي قال: (قال الله : وجبت محبي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ) [٢].


[١] أخرجه البخاري (٦٦٠)، ومسلم (٢٣٩١).
[٢] أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٩٥٣.

<<  <   >  >>