للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن لم يرحل في طلب العلم للبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعد تأهله ليُرْحَل إليه؛ لأن هؤلاء العلماء الذين مضى وقت في تعلمهم وتعليمهم، والتلقي عنهم لديهم من التحريرات والضبط، والنكات العلمية، والتجارب، ما يعز الوقوف عليه أو على نظائرة في بطون الأسفار (١).

= الفائدة الأولى: تنويع التلقي عن العلماء، فإن من خالط علماء كثر رأى مناهج مختلفة، وشاهد طرائق مختلفة في التعليم، وفيما يحسنه من العلوم، وفي طريقة التعلّم والتعليم، وفي الكتب التي تُدْرَس، أما من اقتصر على شيخ واحد فلن يحصل له مثل ذلك، إلا أن يكون عالمًا متفنِّنًا في علوم مختلفة.

الفائدة الثانية: أن الراحل في طلب العلم يعوِّد نفسه على التعلم، وعلى الاشتياق لمعرفة العلماء؛ وعلى التفنُّن في العلم، فبذلك تنشط نفسُه في التعلم.

الفائدة الثالثة: أن الراحل المسافر في طلب العلم يجد في وقته فسحة في طلب العلم؛ لأنه سيقلل من أشغاله، وحينئذ يكون ذلك أدعى الحفظه العلم، ولكونه يعي ما يتعلمه.

الفائدة الرابعة: أن الرحلة تجعل الإنسان يخالط قرناء يماثلونه في الهدف والمقصد في طلب العلم، فيكون لذلك أثر عظيم في تنشيط النفس على التعلم.

الفائدة الخامسة: أن المرء عند تنقله من مكان إلى مكان تعرف نفسه قيمتها، ولا يغتر بما كان يظن نفسه عليه من حال جيد قبل سفره ورحلته، ومن ثم تعرف النفس قيمتها، فتبذل ما تستطيعه في تحسين شأنها وتعلية مكانتها عند الله ﷿.

(١) قوله: "فمن لم يرحل في طلب العلم للبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعد تأهله ليُرحل إليه"، جاء في الحديث أن النبي قال: (يوشك أن =

<<  <   >  >>