وعليه فاحذر نواقض هذه الآداب (١)، فإنها مع الإثم تقيم على نفسك شاهدًا على أن في العقل علة، وعلى حرمان من العلم والعمل به، فإياك والخيلاء، فإنه نفاق وكبرياء، وقد بلغ من شدة التوقي منه (٢) عند السلف مبلغًا.
(١) قوله: واحذر نواقض هذه "الآداب"، فإن المرء يكسب بهذه الآداب الأجر والثواب متى نوى التقرب بها الله، ويكسب أيضًا محبة الناس له، لكن إذا اتصف الإنسان بضد هذه الآداب، فإنه:
أولًا: يأتم.
وثانيًا: يمقته الله.
وثالثًا: يحتقره الناس، ويعلمون أن في عقله مرضًا وعلة، ومن ثم يجتنبونه.
ورابعًا: يكون سببًا لحرمان العلم والعمل.
(٢) قوله: "وقد بلغ من شدَّة التَّوقِّي مِنْهُ"، يعني بلغ من شدة السلف للحذر من ذلك مبالغ عالية، من ذلك أن عمرو بن الأسود يخشى إذا أطلق يديه، وبدأ يرسلهما وهو يمشي، أن تتحرك يمينًا وشمالًا وأن تتقدم، ثم بعد ذلك مظهرًا من مظاهر الخيلاء، ولذلك كان يمسك شماله بيمينه.
وعلى كلٍّ، هذا تطبيق للنصوص السابقة، والنصوص السابقة دلت على التحذير من الكبر والخيلاء، ورغَّبت في ضدهما من خفض الجناح والوقار والسكينة.
وقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال:(إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)[١].
وأما تطبيقات هذا فإنه يختلف ما بين زمان وآخر، قد نرى في زمن من الأزمان أن هذا التصرف فيه خيلاء وكبرياء، لكنه يكون في زمان آخر تصرفًا معتادًا لا يكون من الخيلاء=