تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات (١) ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتًا صالحًا (٢)، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص (٣)،
= المجدُّ إلى الغاية وأنت تشتغل بالصورة الظاهرة، لم تبرح مكانك؛ لأنك مشغول بالتأنق في الملبس، يعني حسن اختيار أنواع الملابس، هذا القماش، هذه النوعية من القماش أفضل من تلك النوعية، وهذا الكبك أحسن من ذلك الكبك، هذه الساعة خير وأحسن، وهذا الجوال بهذه الصفة أحسن من تلك الصفة، والنوع الفلاني من الجوالات أحسن، ومن ثم يصبح يشتغل بهذه الأمور التوافه الظاهرة، وإن كان منها شيات ليست محرمة، نحن لا نستطيع أن نقول إنها محرمة، لكن طالب العلم مشتغل بما هو أعظم وأنفع وأعلى، حيث اشتغل بما يوصله إلى جنة الخلد، فكيف يكون مشتغلًا بهذه الأمور الظاهرة.
(١) قوله: "وإن كان منها شِيَات .. "، الشِّيّة هي الأمور القليلة التي ليست بمحمودة.
(٢) وقوله: "ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتًا صالحًا"، أي: ليست من صفة طالب العلم.
(٣) قوله: "والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتهاء الشخص"، من جاء وعليه شماع وقد زخرف ذلك الشماغ، عَرَفْتَ طَرِيْقَتَه وحكمت عليه، إذا وجدته قد لبس من الساعات المزخرفة التي فيها جذب لرؤية الآخرين عرفت توجهه، وعرفت طريقته، فالحلية في الظاهر عنوان على انتهاء الشخص، ولذلك الأشخاص في ملبسهم يذهب كل واحد منهم إلى من يشاكله في اللباس، ومن هنا من لبس الملابس الكاملة، لبس الغترة، ولبس البشت، وجدته مع من كان بهذه الصفة، ومن خَلَعَ العباءة وجدته مع من ماثله، ومن خلع الغترة وجدته مع من ماثله، وهكذا فالناس كالطيور يأتون إلى من يماثلهم في الصفة، والطيور على أشكالها تقع.