فخذ من اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالًا لقائل، ولا لمزًا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق.
= أنت ممن يتصابى ويحاول أن يظهر نفسه بمظاهر الصبيان وصغار السن؟ هل أنت ممن يحب الظهور ويجب لفت الأنظار إليه أو لا؟ فحينئذٍ خذ من اللباس ما يكون مزينًا لك عند الله - جل وعلا - ومبعدًا لقالة السوء ومظنة السوء فيك، واترك ما يشينك من اللباس، وينقص درجتك عند ربك، لكن لا يعني هذا أن يلبس الإنسان الثياب المخرقة، أو يلبس الثياب المتسخة، أو يلبس ما لا يعتاده الناس من اللباس، إنما يلبس ما يكون معتادًا عند أهل الخير والصلاح من اللباس، ويتزيَّا بزيِّهم، ولذلك لم يخالف النبي ﷺ في لباسه طريقة أهله وقبيلته، لبس مثل لباسهم، لكن على صفة محمودة، ولذلك تجد بعض الناس طريقة لبسه تدل على العقل والرزانة.
اللباس إذا لم يكن على الصفة المعهودة جعل للناس فيك مقالًا، ومنها إذا جاء طالب علم لبس في كوفيته من أنواع الزري، وجعل في ثوبه أنواع المخططات التي تكون لافتة للنظر، فحينئذ هذا ليس لائقًا به، وليست هذه اللبسة من ملابس أهل الفضل والعلم، وهذه قد تجعل الناس يتكلمون فيه ويلمزونه، ومن ثم لا يقبلون ما لديه من العلم، وإذا تلاقي ملبسك ونوع الملبس وكيفية اللبس - طريقة اللبس - بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم انتفع الناس بك، وأخذوا منك العلم، وإذا أحسنت النية في لباسك وفي اختيار نوعه، كان ذلك سببًا للحصول على الأجر من جهة، وسببًا لقبول الناس منك وأخذهم الحق عنك.