= الغالب غير مُشَكَّلَة، لذا قرأ:(مُنى)، وهي (مِنى)، وقرأ:(أسيد بن حبيب) وهو (أُسيد بن حبيب)، وقرأ:(عَتاب بن أُسيد)، وهو (ابن أسيد)، وهكذا لأنه اعتمد على ما في هذه الكتب، ولم يكن لديه شيخ يأخذ منه طريقة نُطق هذه الكلمة.
الأمر الثاني: أن من لم يتعلم على شيخ أدخل المسائل بعضها في بعض، فقد مثلنا له فيما مضى بمن قرءُوا مسألة: من سبقه الحدث في الصلاة، فحينئذ يقول الفقهاء: يستخلف من وراءه، فيقدمون إمامًا يصلي بهم، بينما في مسألة من تذكَّر الحدث في أثناء الصلاة قالوا: تبطل صلاته وتبطل صلاة من خلفه، هكذا قال فقهاء الحنابلة، فيأتي إنسان، فيظن أن هذه المسألة هي تلك المسألة، فيَنسِب إلى هؤلاء الفقهاء ما لم يقولوه.
الأمر الثالث: من الأمور التي تنبني على تعلُّم الإنسان بنفسه بدون مراجعة شيخ عالم: أن فهم الكلمات والمصطلحات لا يُعْرَفُ إلا من خلال هؤلاء العلماء الذين يتعلم الإنسان عليهم، وقد مثَّلت لكم بأمثلة: مصطلح واحد يختلف من باب إلى باب، وهناك مصطلحات تختلف من عالم إلى عالم، وهناك مصطلحات تختلف من فن إلى فن، وهناك مصطلحات تختلف من منهج إلى منهج، مثال هذا: إذا قال إنسان أو فقيه: الكفالة جائزة، ما المراد بالكفالة؟ إن كان حنبليًا فهو يريد الالتزام بإحضار بَدَنِ مَنْ عليه حق، هذه كفالة، وإن لم يكن حنبليًا فهو يريد: الالتزام بدفع ما في ذمة الآخرين الذي يُسميه الحنابلة: الضمان. إذن من هنا اختلف المصطلح باختلاف المنهج، وقد يكون باختلاف الأبواب، فكلمة الضمان يراد بها مرة: ضم ذِمة إلى ذمة، ومرة يراد بها: دفع التعويض عن المتلفات، فكيف يعرف الإنسان التفريق بينهما؟ يعرف ذلك بكونه يتعلم على معلم يدله على مُراد أهل العلم بذلك اللفظ.
الأمر الرابع: معرفة الصحيح من الضعيف، عندما يأتي الإنسان ويقرأ الكتب يكون كحاطب ليل، لا يميز بين صحيحها وضعيفها، وعندما يراجع العلماء الفاهمين يدلونه =