يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة، كالنوروس، فهذه كلها معوقة عن العلم، وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم، وإذا كان الأمر على هذه الصورة فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه، وهو ما أردنا بيانه .. قال الصفدي: ولهذا قال العلماء: لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي، يعني: لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف .. " (١).
والدليل المادي القائم على بطلان نظرة ابن رضوان: أنك ترى آلاف التراجم والسير على اختلاف الأزمان ومر الأعصار وتنوع المعارف مشحونة بتسمية الشيوخ والتلاميذ، ومستقل من ذلك ومستكثر، وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في العُزَّاب من الإسفار لراقمه.
(١) قوله: "قال الصفدي: ولهذا قال العلماء: (لا تأخذ العِلْم من صحفي ولا مُصْحَفي)، الصُّحفي من أخذ علمه من الصحف، والمصحفي من أخذ قراءته من المصحف، فلا بد من شيخ يقرأ الإنسان عليه، ولذلك تواتر عن علماء الأمة أن الإنسان يبحث عن أشياخ له، وقد ألف جماعات كثر مؤلفات في معاجم شيوخهم، وقد أوصل بعضهم شيوخه إلى ألف شيخ، فكون العلم في الكتب جعل غير المتأهلين يدخلون في الحديث عن مسائل العلم ويتخبطون فيها، وهذا مشاهد خصوصًا في عصرنا، فلما وُجدت هذه الأشرطة، وهذا الضواغط التي تضغط المكتبات العلمية في أشرطة اكتفى أناس بها، ولم يطلبوا العلم على العلماء، فكان ذلك سببًا من أسباب وُلُوج غير المؤهلين في الكلام عن علوم الشرع، فخبطوا وجاءوا بكلام لا يستسيغه صاحب دين، أو صاحب عقل.