وإذا بدا لك خطأ من الشيخ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك، فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالمًا؟ (١) واحذر أن تمارس معه ما يضجره، ومنه ما يسميه المولدون:(حرب الأعصاب)، بمعنى: امتحان الشيخ على القدرة العلمية والتحمل (٢).
(١) قوله: "وإذا بدأ لك خطأ من الشيخ … "، أي: إذا وقع من الشيخ خطأ؛ - لأن الشيخ غير معصوم، فحينئذٍ لا ينبغي للطالب أن يُشَهِّرَ به، ولا أن يسقط الشيخ من عينه؛ لأن ذلك سبب من أسباب الحرمان من العلم؛ لأنه ما من أحد إلا وقد يقع في زلل.
وهكذا أيضًا يجتنب طالب العلم ما يؤدي إلى نفرة الشيخ منه، أو عدم تقبله الكلام منه، ولهذا صور:
الصورة الأولى: مطالبة الشيخ بأن يتحدث في مسائل لم يجتهد فيها، والإلحاح عليه في ذلك.
الصورة الثانية: تكرار السؤال على الشيخ ليتحدث في أمور يرى الشيخ عدم الجواب فيها، من باب السياسة الشرعية.
الصورة الثالثة: إذا كان الشيخ يخشى من مآلات كلامه وآثاره، قد لا يتكلم فيما له عاقبة سيئة على الناس، أو يُوجد خصومة بينهم، فالشيخ سيترك ذلك، فعندما تلح في طلب الحديث منه فإنك تُحرجه في مثل ذلك.
(٢) مما ذكره الشيخ هنا من الأمور المذمومة: أن يقوم التلاميذ بامتحان شيخهم؛ ليعرفوا قدرته على التحمل، هل يصبر أو لا يصبر؟ فهذا أيضًا يخالف الأدب، فإن قال قائل: قد وُجِد اختبارات للمحدثين فيما مضى، قيل: تلك الاختبارات ليست من تلميذ للشيخ، ثم إن تلك الامتحانات لفائدة، وهي معرفة الصادق المتقن الضابط في الرواية من غيره، فهذه الاختبارات توصل طالب العلم إلى درجة التلقي من الشيخ، وأما من ثبتت أهليته قبل ذلك، فلا يحسن أن تطرح عليه هذه المسائل المشْكِلَة.