فعلت هذا من خشيتك فافرج عنا ففرج عنهم حتى خرجوا (١).
وإنَّما قال: "إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله" لأنه لا معطي ولا مانع سواه، ويجيب المضطرَّ إذا دعاه، وما يفتح للناس من رحمةٍ فلا مُمسك لها وما يُمسك فلا مُرسل له من بعده، وأيضًا فلأنَّه أمَرَهُ بالسَّؤال ويغضب إذا لم يسأل.
أَنْبَأَنَا أبو الْفَتْحِ بْنُ سَلْمَانَ، عن الْقَاسِمِ بن الْمُفَضِّلِ الثَّقَفِيِّ قال: أَنَبَا محمد بن عبد الله قال: أَنَبَا أبو سُلَيْمَانَ بن الْخَطَّابِيِّ قال: أَنْشَدَنَا الْخُزَيْمِيُّ: [كامل]
اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ … وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
وينسب هذا البيت إلى عبد الله بن المبارك.
وأنشد: [رجز]
ارْفُضِ النَّاسَ فَكُلٌّ مُشْغِلهْ
قَدْ بَخِلَ النَّاسُ بمِثْلِ الْخَرْدَلَهْ
لَا تَسّأَلِ النَّاسَ وَسَلْ مَنْ أَنْتَ لَهْ
وإنما قال: "وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله" لأنَّه إنَّما استعان بالقادر الغنيِّ دون العاجز الفقير، فعليه التعويل، والاعتمادُ على غيره عدولٌ عن سواء السبيل.
أنشد الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري لنفسه: [كامل]
يَا مَنْ إِلَيْهِ بِجُودِهِ أَتَوَسَّلُ … وَعَلَيْه فِي كُلِّ الْأُمُورِ أُعَوِّلُ
أَدْعُوكَ رَبِّ تَضَرُّعًا وَتَذَلُّلًا … فَإِذَا رَدَدْتَ يَدِي فَمَنْ ذَا أَسْألُ
قَدْ قَادَني أمَلِي إِلَيْكَ وَدَلَّنِي … فَقْرٌ عَليْكَ وَفَاقَةٌ وَتَذَلُّلُ
وَعَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تُخِّيبُ آمِلًا … أَضْحَى لِفَضْلِكَ يَا كَرِيمُ يُؤَمِّلُ
(١) الحديث أصله في البخاري (٢٢١٥)، ومسلم (٢٧٤٣) من حديث ابن عمر بألفاظٍ مختلفة.