للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحضرت الصلاةُ فصلُّوا بغيرِ وضوءٍ ثمَّ أتوا النبي وذكروا ذلك له فنزلت آية التيمم (١).

وقولها: "مَا شَاءَ الله أَنْ يَقُولَ" أشارت به إلى تطويله العتاب أو تخشينه القول.

وفي قولها: "فلا يَمْنَعُنِي من التَّحَرُّكِ إلا مكان رسول الله " إشارة إلى أنَّه يطعن طعنًا مؤلِمًا إلَّا أني كنت أثبت نفسي ولا أضطرب.

وقولها: "فَأَنْزَلَ الله تعالى آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا" كلمة: "فَتَيَمَّمُوا" يجوز أن تجعل حكاية عن لفظ القرآن، ويجوز أن تجعل خبرًا عن فعلهم.

وَقَوْلُ أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ يُبَيِّنُ كَثْرَةَ الْبَرَكَةِ واليمن في أبي بكر وآله للمسلمين واعْتِرَافَهُمْ له بِالْفَضْلِ وَالتَّقَدُّمِ.

واعلم أن التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ خُصَّتْ بها هذه الْأُمَّةُ على ما بَيَّنَهُ بقوله: "جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَجُعِلَ تُرَابُهَا لَنَا طَهُورًا" (٢).

والأمر بالتَّيمُّمِ ورد في سورة النِّساء وفي سورة المائدة، وبين نزول السورتين مدة فسورة النساء من أوائل ما نزل بالمدينة وسورة المائدة من أواخر ما نزل، بل روي أنه قال: "إن سورة المائدة آخر ما نَزَلَ عَلَيَّ من القرآن، فَأَحِلُّوا حَلَالَها وَحَرِّمُوا حَرَامَهَا" (٣).

وإذا كان كذلك فقضية القصة أن يكون استفتاح الرخصة بالآية التي في


(١) رواه البخاري (٣٧٧٣)، ومسلم (٨٤٣).
(٢) رواه مسلم (٥٢٢/ ٤)، والبيهقي واللفظ له (١/ ٢١٣) من حديث حذيفة.
(٣) رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (٢٤٩) بإسنادٍ ضعيف.

<<  <   >  >>