للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرواية بعينها في كتب الإمامية، فقد روى محمد بن يعقوب الكليني عن أبي عبد الله أنه قال: لا جبر ولا تفويض ولكن بين أمرين. (١) وروى الكليني أيضا عن إبراهيم عن أبي عبد الله مثل ذلك. (٢) أيضا عن أبي الحسن محمد بن الرضا نحوه. (٣) وأولَ علماء الشيعة هذه الروايات المذكورة الموافقة لأهل السنة صريخا فقالوا المراد من أمر بين أمرين خلق القوة والقدرة والتمكين على الفعل لا الدخل في إيجاد الفعل. ولا يفهمون أن سؤال السائل عما إذا كان، وأين يذهبون بجواب الإمام مجردا وأي عاقل سأل عن تفويض خلق القوة والقدرة على العمل فإنه بديهي البطلان، وإنما البحث والنزاع إن كان ففي خلق الفعل فجواب الإمام يجعلونه لغوا مهملا بتوجيههم هذا معاذ الله من ذلك. ومع هذا لا يجدي هذا التوجيه نفعا لأن هذا التفويض يوجد في نفيه أيضا علة البحث والاعتراض، ومع قطع النظر عن ذلك فإن أهل السنة في أيديهم روايات صريحة مستخرجة من كتب الشيعة تحسم مادة التأويل. منها الرواية التي أوردها صاحب (الفصول) من الإمامية فيه وصححها عن إبراهيم بن عياش أنه قال: سأل رجل الرضا أيكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال: هو أعدل من ذلك.

قال: فيقدرون على الفعل كما يريدون؟ قال: هم أعجز من ذلك. (٤) فقد نفى الإمام القدرة صريحا في هذا الحديث الصحيح. ومنها ما في (نثر الدرر): سأل الفضل بن سهل بن موسى الرضا في مجلس المأمون فقال: يا أبا الحسن، الخلق يجبرون؟ قال: الله أعدل أن يجبر ثم يعذب. قال فمطلقون؟ قال: الله أحكم من أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه. (٥) وإذ اتضح مخالفة علمائهم في عقيدتهم للأئمة فاستمع ما لقبهم به الأئمة من الألقاب السيئة، فقد روى محمد بن بابويه في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله أنه قال: القدرية مجوس هذه الأمة أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه عن سلطانه. وفيهم نزلت هذه الآية {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر}. (٦) وروى الكليني عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله: شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم. قلت: وأحب؟ قال: لا. (٧)

الحادي عشر منها: أن العبد ليس له اتصال مكاني وقرب جسماني بالله تعالى ممكنا


(١) الكافي: ١/ ١٦٠.
(٢) الكافي: ١/ ١٥٩؛ الاحتجاج: ٢/ ١٩٨.
(٣) الكافي: ١/ ١٥٩؛ عيون أخبار الرضا: ١/ ١٤٤.
(٤) عيون أخبار الرضا: ١/ ١٤٢.
(٥) ابن طاوس، الطرائف: ٢/ ٣٣١؛ الأربلي، كشف الغمة: ٢/ ٣٠٧؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٥/ ٥٩.
(٦) التوحيد: ص ٣٨٢؛ البحراني، تفسير البرهان: ٥/ ٢٦١.
(٧) الكافي: ١/ ١٥٠.