للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يكون أحد الفريقين إماما فلا يكون الأصلح في حقهم إلا أحد الحالين وإلا لزم اجتماع النقيضين كما أن الموضوع إذا كان مأخوذا بالوصف العنواني فثبوت المحمول له بالضرورة بشرط الوصف يكون لازما ويمتنع حمل نقيضه عليه كما لا يخفى. وأيضا نقول: الاختفاء من القتل نفسه محال لأن موتهم باختيارهم! وإن كان من خوف إيذاء البدن يلزم أن الأئمة فروا من عبادة المجاهدة وتحمل المشاق في سبيل الله تعالى وهذا بعيد عنهم ومع هذا لا معنى لاختفاء صاحب الزمان بخصوصه (١)

فإنه يعلم باليقين أنه يعيش إلى نزول عيسى ولا يقدر أحد على قتله وأنه سيملك الأرض بحذافيرها، (٢) فبأي شيء يتخوف ويختفي؟ ولماذا لم يظهر الدعوة ويتحمل المشقة كما فعله سيد الشهداء؟ وما قاله المرتضي في كتابه (تنزيه الأنبياء والأئمة) من أنه فرق بين آبائه الكرام فإنه مشار إليه بأنه مهدي قائم صاحب السيف قاهر للأعداء منتقم منهم مزيل للدولة والملك عنهم فله مخافة لا تكون لغيره (٣) فكلام لا لب فيه لأن خوف القتل نفسه قد غلب عليه ومع هذا معلوم له باليقين أن أحدا لن يقتله أبدا. وأيضا ألا يعلم أن المخالفين لا يقبلون من أحد دعوى المهدوية


(١) صاحب الزمان وقد يسمونه صاحب الدار هو الصبي الذي زعموا أنه إمامهم الثاني عشر ودخل السرداب صبيا في مدينة سر من رأى ومنذ أكثر من ألف سنة يدعون بأن يعجل الله فرجه ويرمزون لهذا الدعاء بهذين الحرفين (ع .. ج) أو (عج)، منتظرين خروجه من السرداب وبيده السيف فيذبح البشر جميعا وفي مقدمتهم المسلمين أهل السنة والجماعة ويمحقهم محقا وليس في الشيعة شاعر إلا له قصيدة في صاحب الزمان ساكن السرداب والدعاء بأن يعجل الله فرجه وحتى البهاء العاملي صاحب الكشكول وخلاصة الحساب له قصيدة يغني فيها على ألحان هذه الموسيقى ولهم في بلدة قم رئيس يزعمون أنه آية الله وهو يمثل خدمة صاحب الزمان ويجمع الصدقات باسمه لا لأن الإمام يحتاج إلى ما في أيدى الناس بل لأن الناس يحتاجون أن تقبل صدقاتهم منه! وقد أراد مندوب جريدة الأخبار المصرية أن يجتمع به فسافر إليه ولقي في ذلك أعظم المشقات، ومع ذلك لم يتوصل إلى رؤية صاحب هذا المقام الرفيع لأن خادم صاحب السرداب يجب أن يكون هو الآخر في سرداب!.
(٢) أخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين». سنن أبي داود، كتاب المهدي: ٤/ ١٠٧، رقم ٤٢٨٥؛ وحسنه في صحيح الجامع ٦٧٣٦.
(٣) تنزيه الأنبياء: ص ١٨١.