للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أبي بكر) وأثبت بدله (فلان) وتأبى الأوصاف إلا أبا بكر، ولهذا الإبهام اختلف الشراح فقال البعض هو أبو بكر وبعض هو عمر، ورجح الأكثر الأول وهو الأظهر فقد وصفه من الصفات بأعلى مراتبها، فناهيك به وناهيك بها. وغاية ما أجابوا أن مثل هذا المدح كان من الإمام لاستجلاب قلوب الناس لاعتقادهم بالشيخين أشد الاعتقاد، ولا يخفى على المنصف أن فيه (١) نسبة الكذب [إلى المعصوم] (٢) لغرض دنيوي مظنون الحصول، بل كان اليأس منه (٣) وفي الحديث الصحيح «إذا مدح الفاسق غضب الرب»، (٤) وأيضا أية ضرورة تلجئه إلى هذه التأكيدات والمبالغات؟ وكان يكفيه أن يقول: لله بلاد فلان قد جاهد الكفر والمرتدين، وشاع بسعيه الإسلام، وقام عماد المسلمين، ووضع الجزية، وبنى المساجد، ولم تقع في خلافته فتنة ولا بقي فيها معاند. ونحو ذلك. وفرق بين هذا والسلوك في هاتيك المسالك. وأيضا في هذا المدح العظيم الكامل تضليل الأمة وترويج للباطل، وذلك محال من المعصوم، (٥) بل كان الواجب عليه بيان الحال لمن بين يديه بموجب الحديث الصحيح «اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس» (٦) فانظر وأنصف. وأجاب بعض الإمامية أن المراد من (فلان) رجل من الصحابة مات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - واختار هذا القول الراوندي، (٧) وانظر هل يمكن لغيره


(١) أي في هذا التعليل البارج من الشيعة.
(٢) زيادة من نهج السلام
(٣) أي إلا عن اعتقاد بصدق ما يقوله.
(٤) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس: ٣/ ٢٣٠؛ وهو في السلسلة الضعيفة: ٣/ ١٣٩٩.
(٥) نذكر القارئ بان المؤلف يجاري القوم بما فيه إلزام لهم مما يعتقدونه ويسلمون بصحته.
(٦) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: ١٠/ ٢١٠؛ والطبراني، المعجم الكبير: ١٩/ ٤١٨؛ وهو في ضعيف الجامع: ١/ ١٠٤.
(٧) قال عنه الذهبي: «الملحد عدو الله ... كان يلازم الرافضة والملاحدة»، مات سنة ٢٤٥هـ. وفيات الأعيان: ١/ ٩٤؛ سير أعلام النبلاء: ١٤/ ٥٩.