للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محبا لعلي، ولا منفعة ولو كان مؤمنا بالنبي إذا كان يبغض عليا. ولا يخفى أن ذلك مخالف لقوله تعالى {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} وقوله {ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} وقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها أبدا} وكل الروايات تخالف النصوص فهي موضوعة جزما كما تقرر عند أصحاب الحديث. وأيضا لزم منها نسخ الصلاة والصوم والطاعة والعبادة وحرمة المعاصي، ولم يبق غير حب علي وبغضه مدار الجزاء، ولزم أن نزول القرآن يكون لضلالة الخلق لا لهدايتهم، إذ لم يذكر فيه حب علي وبغضه مع أنه لا بد منه، ولو كان مذكورا يكون بنوع لا بفهمه كل أحد من المكلفين البتة، وتكليف فهم اللغز لا يتحمله كل أحد، فالقرآن كله يدعو إلى أمر لا يحتاج إليه في الآخرة أصلا، وما ينفع في الآخرة لا أثر له فيه، معاذ الله من ذلك.

هذا وقد رويت روايات أخر في كتبهم المعتبرة مناقضة لهذه الروايات، منها ما روى سيدهم وسندهم حسن بن كبش عن أبي ذر قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى علي ابن أبي طالب فقال «هذا خير الأولين وخير الأخرين من أهل السماوات وأهل الأرض، هذا سيد الصديقين، هذا سيد الوصيين وإمام المتقين قائد الغر المحجلين. إذا كان يوم القيامة كان على ناقة من نوق الجنة قد أضاءت عرصهة القيامة من ضوئها، على رأسه تاج مرصع من الزبرجد والياقوت. فنقول الملائكة: هذا ملك مقرب، ويقول النبيون: هذا نبي مرسل. فينادي المنادي من تحت بطنان العرش: هذا الصديق الأكبر، هذا وصي حبيب الله علي بن أبي طالب، فيقف على متن جهنم فيخرج منها من يحبه ويدخل فيها من يبغضه، ويأتي أبواب الجنة فيدخل فيها من يشاء بغير حساب». (١) ولا يخفى أن هذه الرواية ناصة صريحا على أن بعض العصاة ممن يحب الأمير يدخلون النار ثم يخرجهم الأمير ويدخلهم الجنة بعد ما يعذبون بقدر أعمالهم، وبينها وبين الرواية الأولى تناقض صريح. ومنها ما روى ابن بابويه القمي عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا كل خريف سبعون سنة، ثم إنه سأل الله تعالى بحق محمد وآله أن يرحمه فأخرجه من النار وغفر له» (٢) فإن كان الرجل محبا


(١) هذه روايات الإمامية! ابن شاذان، مائة منقبة: ص ٨٩؛ الأربلي، كشف الغمة: ١/ ٣٤٥.
(٢) الأمالي: ص ٦٧٢؛ المفيد، الأمالي: ص ٢١٨؛ الشعيري، جامع الأخبار: ص ١٤٣.