للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال لعلي: بايع أبا بكر، قال: إن لم أفعل ذلك؟ قال: إذا لأضربن عنقك. قال: كذبت والله يا ابن صهاك (١) لا تقدر على ذلك، أنت ألأم وأضعف من ذلك. (٢)

فهذه الروايات تدل صريحا أن التقية بمراحل من ذلك الإمام، إذ لا معنى لهذه المناقشة والمسابة مع وجوب التقية.

وروى محمد بن سنان (٣) أن أمير المؤمنين قال لعمر: يا مغرور، إنى أراك في الدنيا قتيلا بجراحة عبد أم معمر، (٤) تحكم عليه جورا فيقتلك، ويدخل بذلك الجنان على رغم منك» (٥)

ورورى أيضا أنه قال مرة لعمر: «إن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه هتكا وصلبا، وتخرجان من جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتصلبان على شجرة يابسة فتورق فيفتتن بذلك من ولاكما، ثم يؤتى بالنار التي أضرمت لإبراهيم ويأتي جرجيس (٦) ودانيال (٧) وكل نبي وصديق فتصلبان فيها فتحرقان وتصيران رمادا، ثم تأتى ريح فتنسفكما في اليم نسفا». (٨)

فانظر بالله عليك من يروي هذه الأكاذيب (٩) عن الإمام كرم الله تعالى وجهه، هل ينبغي له أن يقول بنسبة التقية إليه؟ سبحان الله! إن هذا لهو العجب العجاب والداء العضال.

ومما يرد قولهم أن زكريا ويحيى والحسين ليس لهم عند الله كرامة وفضل لأنهم لم يفعلوا التقية، ويلزم أن يكون جميع المنافقين في عهده - صلى الله عليه وسلم - في أعلى المراتب من الكرامة.


(١) صهك الجواري السود. لسان العرب
(٢) كتاب قيس بن سليم: ص ٥٩٣؛ الطبرسي، الاحتجاج: ١/ ٩٣؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٢٨/ ٣٠٠.
(٣) ذكره الخوئي، معجم رجال الحديث: ١٦/ ١٣٨.
(٤) يقصدون أبا لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة.
(٥) أبو الحسن الديلمي، إرشاد القلوب: ٢/ ٢٨٥؛ المجلسي بحار الأنوار: ٣٠/ ٢٧٦.
(٦) قال الطبري: «كان جرجيس فيما ذكر عبدا صالحا من أهل فلسطين ممن أدرك بقايا من حواريي عيسى - عليه السلام -، وكان يأكل من تجارته). ينظر تاريخ الطبري: ١/ ٣٨٢.
(٧) من الأنبياء عند أهل الكتاب. تاريخ الطبري: ١/ ٣١٦؛ تفسير ابن كثير: ٤/ ٤٩٦.
(٨) المجلسي، بحار الأنوار: ٣٠/ ٢٧٦.
(٩) ولوضوح كذبها لم يناقشها المؤلف